الجمعية السورية للعلاقات العامة تنظم حواراً حول المسيحية والإسلام في الشرق

الأب نصار: الولايات المتحدة تعاني من مسيحية متطرفة خطيرة… الشيخ شحادة: للأصابع اليهودية دور تاريخي في إخافة الغرب من الإسلام ويجب الاقتداء بالتجربة السورية في التعايش الإسلامي المسيحي… الدكتور المؤنس: يجب العودة لتعاليم الله والقرآن الكريم لم يفرق بين مسلم ومسيحي…. الجمعية السورية للعلاقات العامة تنظم حواراً حول المسيحية والإسلام في الشرق

أكد مدير عام معهد الثالوث للمسحية والثقافة في بريطانيا الأب نديم نصار أن الغرب يعيش في أزمة حادة. وفي حواراً مفتوحاً نظمته الجمعية السورية للعلاقات العامة يوم الثلاثاء 13/8/2008 جمع الأب نصار ورئيس مركز المعارج لحوار الأديان الشيخ حسين شحادة والباحث الإسلامي الدكتور عبد الرزاق المؤنس في مقر الأكاديمية السورية الدولية للتدريب والتطوير، أشار الأب نصار، ومن موقعه كمدير عام لمعهد الثالوث للمسيحية والثقافة، أن العولمة أفرزت مفاهيم وتحديات جديدة أوقعت الكنيسة في الغرب بإشكالات، وأدت لتغيرات ديموغرافية في أوروبا انعكست سلباً على الشرق، وتمثلت بدخول مركز للإسلام.

الأب نصار أكد انه بعد هذا الدخول أصبحت أوروبا تعيش بخوف من القادم الجديد، مشيراً أن الخوف أفرز ثقافة الحذر والتطرف، ونو الأب نصار أن أميركا باتت تعاني من تطرف مسيحي خطير، مشدداً على خطرة فساد الدين المسيحي في الولايات المتحدة خاصة أن المسيحية المتطرفة لها وزنها هناك؛ حيث أنها تملك المال والإعلام.

أما أوروبا فنوه الأب نصار أنها اكتشفت إن عصر التنوير الذي يركز في بناء الدولة على العقل بمعزل عن الدين انتهى، مشيراً أنها تعلمت من المسلمين القادمين ألا تراجع عن الدين وأن العيش مع الآخر لا يعني المساومة على دينه.

رداً على سؤال إن كانت المسيحية والإسلام طرفاً واحداً أمن أطراف في المنطقة أكد الأب نصار أن الديانتين هما طرفاً واحداً في منطقتنا العربية وعلى الأخص في سوريا، موضحاً أن المسلمين والمسيحيين في المنطقة ينتمون

إلى نسيج اجتماعي وثقافي وحضاري واحد، على عكس الغرب.

الأب نصار وضع ثلاث شروط لحوار إسلامي مسيحي صحيح في الشرق واشترط عليه أن:

1.يفترض أن المسيحية والإسلام طرف واحد وأن يعتبر كل جانب أن الجانب الآخر مساوياً له وألا يسعى لإلغائه.
2.أن يطلب المسلم من المسيحي عدم المساومة على دينه المسيحي كشرط للتعايش، مذكّراً بأن الإسلام عندما دخل للمنطقة لم يطلب من المسيحي أن يعدل عن عقيدته حتى يتناسب مع الدين الجديد.
3.التأكيد على أن حوار الطرف الواحد لا يلغ الاختلاف، وأكد الأب نصار على أن المسيحية والإسلام كطرف واحد في المنطقة تقف ضد التطرف والإرهاب وتؤمن بالمحبة والسلام رافضاً فكرة الخوف من الآخر، وأكد الأب نصار على أهمية أن يعرف كل دين نفسه بداية حتى يعرّف الأخر بحقيقته، مؤكداً على أن الإسلام في الغرب يعاني من مشكلة تقديم نفسه، مشدداً على ضرورة إيصال صوت حقيق عن الإسلام والشرق بعيداً عن الأصوات المتطرفة.

عن دوره كرجل دين مسيحي سوري في إيصال حقيقة التسامح الديني الذي تعيشه سوريا، تحدث الأب نصار عن وجود حالة جهل بين رجال الدين المسحيين في الغرب عن حقيقة وتاريخ الوجود المسيحي في سوريا، كما نوه الأب نصار لوجود مخطط غربي لتفريغ منطقة الشرق الأوسط من المسيحية.من جانبه نوه مدير مركز المعارج لحوار الأديان الشيخ حسين شحادة إلى أهمية دور الأب نصار كرجل دين مسيحي سوري نهض بأعباء الكلمة المسيحية  الإسلامية كأساس للحضارة السورية، وشدد الشيخ شحادة على خطورة وجود مخطط سياسي ترافق مع احتلال افغانستان والعراق لتهجير المسحيين من المنطقة، وذكّر بان التاريخ لم يشهد أي عملية تهجير لمسيحي عن عروبته إلا في أثناء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والأميركي للعراق، ونوه الشيخ شحادة أن مخاوف الغرب من الإسلام ليست جديدة على الموروث الغربي، لافتاً على الاستشراق اليهودي ودوره في منطق التخويف من الإسلام وهو المنطق الذي بدأ مع ظهور رسالة الرسول محمد (ص)، وأكد الشيخ شحادة وجود قرابة عضوية بين الإرهاب والاحتلال، مشيراً أن بعض رجال الدين في الغرب يركزون على الإرهاب ويتناسون قضية الاحتلال، وأكد الشيخ شحادة على ترابط الإسلام والمسحية مشيراً ان العولمة لم ولن تستطع رسم خريطة لمشاكل العالم، تخص المسيحية او الإسلام كلاً على حدة.

أما حول العلاقة بين المسيحية والإسلام في المنطقة فأكد الشيخ شحادة ان ما ينظم العلاقة بين الديانتين هو العروبة، وشدد على ضرورة ان يكون العقل هو المدخل لتصحيح مسيرة الحوار بين الديانتين، والانتقال من حوار موضوعه الدين إلى حوار موضوعه الإنسان، وأكد على أهمية الاقتداء بالتجربة السورية التي جعلت من واقع الإسلام والمسيحية فيها أرقى نموذج للتعايش المشترك عرفه الشرق الغرب.

الشيخ شحادة شجع على إنشاء علم المصطلحات الإنجيلية القرآنية الذي يؤسس لحوار مسيحي إسلامي صحيح كمل يؤسس لنظرية “كيف نختلف ونكون سعداء”، ورد الشيخ شحادة على بعض الأصوات المعارضة بحصر المقاومة بالدين الإسلامي، موضحاً أن لفظ المقاومة الإسلامية جاء من طبيعة الجغرافيا التي جعلت طائفة من المسلمين في مواجهة دائمة مع إسرائيل.

بدوره شدد الباحث الإسلامي الدكتور عبد الرزاق المؤنس على ضرورة العودة إلى تعاليم الله التي أوردها في كتبنه السماوية، لتنظيم العلاقة بين الأديان، وشدد في هذا السياق أن القرآن الكريم لم يفرق بين مسلم ومسيحي، ولم يدع لنبذ الآخرين على اختلاف عقائدهم، وشدد  الدكترر المؤنس على ضرورة الالتزام بسلوكيات الحب والرحمة، لأن الله حب وعطاء.

الدكتور المؤنس حمل على من “يسمون أنفسهم رجال دين ويتسلمون زمام الدعوة للإسلام ويجعلون من أنفسهم وكلاء عن الله” ويدعون للدين بالإكراه، وأكد الدكتور المؤنس ان الكره والبغض يأتي من خارج الإيمان وأن أي عداوة لا علاقة لها بالدين، ونوهن في هذا السياق إلى دور بعض الفضائيات في تغيير حقيقة الدين، مشدداً على سماحة الإسلام وعلى أهمية المعرفة والقراءة للتعرف على الآخر.

حضر اللقاء رئيس الجمعية السورية للعلاقات العامة د. نزار ميهوب، مجموعة من دكاترة قسم الإعلام بجامعة دمشق وممثلين عن السفارات في دمشق ومجموعة من المهتمين.