في زيارة لـ SIA… أول وفد أميركي يمثل أوباما في سوريا يرصد ما ينتظره الشعب العربي من الرئيس الأميركي الجديد…
وصل أول وفد أميركي يمثل الرئيس المنتخب، باراك أوباما، لسوريا يوم الثلاثاء في زيارة تهدف لمعرفة تأثير انتخاب أوباما على المنطقة والتوقعات التي يحملها الشعب العربي عن سياسة للرئيس الأميركي الجديد وإمكانية تطبيق شعار “التغيير” الذي حملته، وفي زيارة لمقر المعهد العربي للعلوم الدولية والدبلوماسية بدمشق، التابع للأكاديمية السورية الدولية ، يوم الأربعاء 12/11/2008، أكد الوفد، الذي يضم مثقفين من مجموعة ولايات أميركية، أن جولته تضم ستة بلدان شرق أوسطية وتشمل لبنان وسوريا والأردن وتهدف لنقل انطباعات الشارع العربي وتوقعاته عن سياسة أوباما المستقبلية في المنطقة، إضافة إلى رصد فرص الحوار والسلام وحل مشاكل المنطقة، وذلك لنقلها إلى الشعب الأميركي عبر وسائل الاتصال المباشر، وأوضح الوفد أن زيارته لسوريا، التي تضمنت زيارة القنصل الأميركي بدمشق، وخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، تشمل التعرف على التحديات التي تواجه الإدارة الأميركية على صعيد سياستها في منطقة الشرق الأوسط، وعلى الرؤية السورية لسياسة الولايات المتحدة التي تساهم في تحقيق شرق أوسط عادل ومستقر، وبيّن الوفد أن المرحلة الراهنة تمثل مرحلة التحديات والفرص بالنسبة للإدارة الأميركية الجديدة داعياً دول المنطقة، وبالأخص سوريا لعدم إضاعة فرص الحوار، وخلال زيارتهم المعهد العربي للعلوم الدولية والدبلوماسية في مقر الأكاديمية السورية الدولية، استفسر أعضاء الوفد عن الرأي الشعبي لشروط السلام بين إسرائيل والعرب، والمرحلة التي وصلتها المفاوضات السورية الإسرائيلية غير المباشرة، إضافة إلى ظروف عملية الإنزال الأميركي في مدينة البوكمال، والرد السوري على العملية، ومسألة ضبط الحدود السورية العراقية وغير ذلك من القضايا التي تهم الإدارة الأميركية الجديدة.
الإدارة الأميركية الجديدة والتعاطي مع سوريا:
من جانبه أكد رئيس SIA، د. نزار ميهوب، وجود “تفاؤل حذر” لدى الرأي العام السوري من سياسة أوباما في المنطقة، موضحاً أن الرئيس الأميركي “ليس الصانع الحقيقي لسياسة بلاده الخارجية “، مشيراً أنها تُصنع من ثلاث مستويات أحدها الممثل الحقيقي للمصالح الأميركية العليا (سواءً كانت شركات النفط والسلاح أم المواطن الأميركي)، أما المستوى الثاني فهو الوقائع والظروف الموجودة على الأرض، منوهاً أن المستوى الثالث هي المتغيرات المستجدة، ونوه د.ميهوب إلى أهمية الحوار الأميركي مع دمشق، لافتاً إلى التغير الحاصل في السياسة الأوروبية تجاه سوريا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، واعتبر د.ميهوب أن سبب هذا التغير يعود إلى قناعة أوروبا بحاجة المنطقة لقوة إقليمية ذات سياسات متوازنة لها تأثيرها على جميع المحاور، وعليه يرى ميهوب أن انتخاب بارك أوباما جاء متماشياً مع وجود معطيات جديدة وحاجات متغيرة في المنطقة تطلبت وجود سياسة أميركية متغيرة على مختلف الصعد الداخلية والخارجية.
التحديات التي تواجه الإدارة الأميركية:
أما فيما يتعلق بالرأي الشعبي للتحديات التي تواجه الإدارة الأميركية الجديدة فرأى ميهوب أنها تتمثل في ثلاث نقاط: “أولاً العراق الذي بات بعد الاحتلال الأميركي خزاناً مصدراً للإرهابيين، ثانياً محاربة الإرهاب التي جعلت إدارة بوش منها مبدأً لسياستها أوقعها بجملة من الأخطاء أثرت عليها قبل غيرها”، ويوضح ميهوب أن محاربة الإرهاب انعكست سلباً على الإدارة الأميركية الأخيرة لأنها حاربت شكل الإرهاب الخارجي دون مكافحة مسبباته الحقيقية، ولأنها اعتمدت أسلوب الخلط بين الجماعات الإرهابية وحركات المقاومة الوطنية، وتصنيف الجماعات الإرهابية مع الدول التي تخالف سياسة بوش ضمن خانة واحدة، وشدد د.ميهوب أن “العقل العربي والإسلامي لا يقبل بتشبيه الإرهابي بالمقاوم الذي يحارب لإخراج المحتل من أرضه”.
أما فيما يتعلق بالتحدي الأخير الذي تواجهه الإدارة الأميركية الجديدة فهو، من وجهة د.ميهوب، السلام العربي الإسرائيلي، وفي هذا السياق اعتبر ميهوب أن اتفاق سوري إسرائيلي يشكل الانطلاقة لعملية سلام شاملة في المنطقة؛ حيث أن المشكلة الأساسية مع الإسرائيليين في المرحلة الراهنة هي قضية الجولان وفي حال حلها يصبح من السهل حل المشاكل الأخرى، مشدداً في الوقت نفسه أن السلام لن يكن ذو نتائج فعلية ما لم يكن شاملاً للمنطقة بأسرها، ويضمن إعادة جميع الأراضي المحتلة.
المفاوضات السورية الإسرائيلية:
أما فيما يتعلق بالمفاوضات السورية الإسرائيلية غير المباشرة برعاية تركيا أكد د.ميهوب على اليقين الشعبي السوري التام بوجود قناعة عسكرية وأمنية في إسرائيل بضرورة السلام مع سوريا (خاصة بعد حرب تموز 2006)، إلا انه نوه إلى عدم وجود قرار ثابت لدى الإدارة السياسية في تل أبيب حول السلام مع دمشق، مشيراً إلى الفئات المتشددة في إسرائيل التي تمارس العنف والقتل وترفض إعادة الأراضي مقابل أي اتفاق سلام، كما ذكّر ميهوب بأن وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، كان “نسف بشكل مفاجئ كل ما اتفق عليه مع السوريين في مفاوضات عام 2000 لتحقيق السلام بين البلدين حين قررت الحكومة الإسرائيلية وقتها إجراء انتخابات إسرائيلية مبكرة”.
ضبط الحدود السورية العراقية:
حول الإجراءات السورية لضبط الحدود مع العراق أوضح السفير والوزير السوري السابق د.عيسى درويش أن سوريا كانت طلبت تفعيل عمل اللجنة الثلاثية التي تضمها مع الولايات المتحدة والعراق لضبط عمليات التسلل عبر الحدود، مشيراً ان واشنطن انسحبت من اللجنة المذكورة دون أن تطلب من سوريا أي مساعدة في مسألة ضبط الحدود، كما نوه د.ميهوب إلى ما أكده المسؤولين السوريين في تصريحاتهم للصحافة بأن الولايات المتحدة منعت إحدى الدول الأوروبية من تقديم معدات مراقبة متطورة لسوريا تساعدها في ضبط الحدود، لافتاً أن الحدود السورية العراقية تمتد على مسافة 650 كم من الصحراء ويستحيل على أي بلد ضبطها بالشكل الكامل.
الغارة الأميركية على البوكمال والرد السوري:
د.درويش رد على تساؤلات الوفد حول حقيقة ما صرح به بعض السياسيين الأميركيين عن أن عملية البوكمال ساعدت في القضاء على أحد الإرهابيين، واكد د.درويش للوفد الأميركي أن ضحايا الغارة هم ثمانية عمال مدنيين سوريين، فيما نوه د.ميهوب أنه لو كان بين الضحايا مهرب إرهابيين لكانت القوات الأميركية أبقته على قيد الحياة واعتقلته كدليل على صدق ادعاءاتها، وأكد درويش للوفد أن الحكومة العراقية لم تكن على علم مسبق بالغارة الأميركية، لافتاً أن وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري، زار سوريا للاعتذار من المسؤولين السوريين على الغارة وليتعهد لهم بألا يكون العراق منطلقاً لتنفيذ اعتداءات ضد دول الجوار.
أما فيما يتعلق بالرد السوري على عملية البوكمال بإغلاق المدرسة والمركز الثقافي الأميركيين فأوضح درويش أنه كان رداً معنوياً بمثابة رسالة للشعب الأميركي بأن “سوريا استقبلتكم على أراضيها فيما ردت الإدارة الأميركية على ذلك بقتل مدنيين سوريين على أرضهم”.
المطلوب من أوباما:
في ختام اللقاء أكد د. درويش على أن جزءاً كبيراً من سياسة التغيير التي طرحها أوباما ترتبط بمنطقة الشرق الأوسط، وعليه يرى درويش أن الشعب العربي ينتظر من أوباما:
2. محاورة سوريا وإيقاف الضغط عليها وتعيين سفير أميركي بدمشق، لافتاً أن تقرير لجنة بيكر ـ هاملتون كان أكد على دور سوريا المحوري في المنطقة، وفي هذا السياق ذكّر رئيس الوفد بما قاله وزير الخارجية السعودي الحالي، الأمير سعود الفيصل، عند توقيع اتفاقية كامب ديفيد بأن السلام في الشرق الأوسط لن يكون دون البدء بالسلام مع سوريا.