مؤتمر العلاقات السورية التركية يشدد على ضرورة تفعيل دور الدبلوماسية العامة ( الشعبية ) في تعزيز العلاقات بين البلدين
مؤتمر العلاقات السورية التركية يشدد على ضرورة تفعيل دور الدبلوماسية العامة ( الشعبية ) في تعزيز العلاقات بين البلدين…علاقات الثقة توطدت بعد زيارة الأسد لتركيا وموقفها من حرب تموز في لبنان والحرب الإسرائيلية على غزة
بدأ في دمشق السبت مؤتمر العلاقات السورية التركية – الواقع والآفاق وذلك في مقر الأكاديمية السورية الدولية للتدريب والتطوير ( المعهد العربي للشؤون الدولية والدبلوماسية ) والذي ينظمه مركز (ADAM) للدراسات الإستراتيجية في انقره ، بالتعاون مع الأكاديمية السورية للتدريب والتطوير
تركزت محاور المؤتمر في اليوم الأول ( الجلسة الأولى ) حول تاريخ العلاقات السورية – التركية ومستقبلها و دور تركيا الجيو استراتيجي في عالم متغير كما تم مناقشة ” المقاربة التركية الجديدة للشرق الأوسط ”
تحدث في الجلسة الأولى كل من الدكتور مهدي دخل الله وزير الإعلام السابق ورئيس مركز الدراسات الإستراتيجية والباحثان مصطفى تشوفاني و نصوح أوسلو من الجانب التركي وأدار جلسة الحوار الدكتور عيسى درويش الوزير والسفير السوري السابق .
استعرض الدكتور تشوفالي في مداخلته تاريخ العلاقات السورية التركية التي تعود الى فترة الحكم الأموي في دمشق ومراحل تطور هذه العلاقة وصولا الى المرحلة الحالية من العلاقات بين البلدين .
أما الدكتور دخل الله فتناول الدور الجيو استراتيجي لتركيا في عالم متغير و الفوائد الايجابية التي جنتها تركيا من موقعها الجغرافي و سياستها التي اعتمدتها في هذا العالم ضمن مفهومي الربط و العزل بين عالمين مختلفين يمثلهما الشرق والغرب و تناول أيضا التحول التركي في ظل سياسة حزب العدالة و التنمية التي أسهمت في تحويل حدود الدولة التركية من حدود مواجهة إلى حدود تعاون مع كافة جيرانها.
وتحدث الدكتور نصوح اوسلو عن نظرة تركيا الجديدة إلى الشرق الأوسط و بدأها باستعراض تاريخي سريع لعلاقات تركيا و الغرب ومحاولات تركيا المستمرة للتقارب معه و اهتمام تركيا في زيادة العلاقات الثقافية و الاجتماعية مع جيرانها الأمر الذي سينعكس ايجابيا على الحالة الأمنية في تركيا بعيدا عن التصور السابق بأن تركيا محاطة بالأعداء الذي حرم تركيا العديد من الفرص . و أكد سعي حكام تركيا الى إعطاء سياسة فعالة في الشرق الأوسط و التدخل الإقليمي.
كما وتحث في الجلسة الثانية د.محمد يوفا من جامعة دمشق عن زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأخيرة إلى تركيا وعن تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية واستخلص د. يوفا أجندة أوباما خلال زيارته تركيا والمتمثلة بعدة مطالب من الحكومة التركية منها أنه يجب على تركيا إرسال قوات عسكرية إلى افغانستان و أن تلعب دور الوسيط بين أمريكا وإيران وحل المسألة الكردية في العراق بالإضافة إلى السماح ببناء قاعدة عسكرية جديدة في البحر الأسود وفتح علاقات خاصة مع ارمينيا وعلاقات دبلوماسية بلا شروط وقيود .
وتناول محور ( تركيا – سوريا الجذور البنيوية للتقارب ) د.كوخان باجيك من تركيا الذي تحدث عن الحكومة الجديدة في تركيا وصعود النخبة الجديدة حيث أصبحت السياسة مرتبطة بهذه النخبة والتي سعت إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية .
كما نوه إلى السعي نحو إبعاد الطابع الأمني عن السياسة الخارجية وتعزيز الاقتصاد عوضاً عن الأمن ، وشدد على دور المجموعات المجتمعية في تحقيق الاستقرار بين سوريا وتركيا .
شدد د. باجيك على التهديدات المشتركة التي يواجهها البلدين منها الأزمة المالية العالمية والمشكلة العراقية التي تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الإقليمي .
من جهته تحدث د. زياد عربش من سوريا عن أهمية التكامل الاقتصادي بين دول المنطقة وقضايا الطاقة فعرض لمحة عن الاقتصاد السوري التركي والتبادل التجاري بين البلدين والتعاون الطاقوي كما تناول مستقبل العلاقات خاصة فيما يتعلق بمستقبل التعاون الاقتصادي .
شدد عربش في عرضه على أن المسار الاقتصادي السوري التركي هو مسار ايجابي رغم عدم الاستقرار الإقليمي وعلى تميز موقع البلدين من الناحية الجيو استراتيجية فأكد على ان سوريا بالنسبة لتركيا مدخل قوي للعالم العربي وتركيا بالنسبة لسوريا هي امتداد اقتصادي .
في الجلسة الثالثة عرض د. مصطفى آجار من تركيا ورقة عمل حول تأثير تحرير التجارة بين الدول الإسلامية الثماني حيث تناول بالحديث منظمة الدول الإسلامية واقعها وإسهاماتها في الاقتصاد العالمي فأشار إلى أن مستوى التكامل الاقتصادي في منظمة الدول الإسلامية كان أقل من مرضي بالرغم من أنها أعلى منظمة في العالم الإسلامي وثاني منظمة في العالم بعد منظمة الأمم المتحدة ، وأكد أن هدف الدول الثمانية هو تحسين موقع الدول النامية في الاقتصاد العالمي .
كما أشار في عرضه إلى حجم التداول بين الدول الإسلامية الثمانية و دول المنظمة الإسلامية وشدد على أنه حان وقت زيادة التبادل التجاري بين الدول الإسلامية والعمل على دراسة جدول أعمال فعال يحقق تكامل اقتصادي مثل ” إزالة حدود الحماية بين سوريا وتركيا ”
أما د. رمضان غوزين من تركيا فكانت ورقة عمله تتمحور حول إمكانات التعاون بين سوريا وتركيا في حل القضايا ( السياسية-الاجتماعية) في الشرق الأوسط فقد أكد في حديثة على أن هذا التعاون بين سوريا وتركيا يمكن أن يكون نقطة بداية لحل المشاكل الإقليمية فلهذا التقارب خصائص أهمها أن سوريا وتركيا كانتا يلعبان في الماضي سياسة السلطة والمنافسة وكان هناك سياسات غير حبيه بينهما تقوم على السلطة والمصالح الخاصة بكل بلد ، لكن بعد تسعينيات القرن العشرين بداية عام 2000 انتهت المنافسة على السلطة فلم يعودا ينظران لبعضهما كأعداء محتملين أو كبلدين يهددان خصائصهما الإيديولوجية وظهر طيف واسع من العلاقات الثقافية والاجتماعية، وأوضح أن أسباب التقارب عديدة كالغزو الأمريكي للعراق فالبلدين لديهما التهديد نفسه وهو رؤية أمريكا للشرق الأوسط الكبير و التأثير الإيراني المتنامي ليس فقط في العراق بل في الشرق الأوسط عموماً .
وأكد د. غوزين في نهاية عرضه على أنه يجب على البلدين تعزيز العلاقات ليس فقط على المستوى السياحي والاقتصادي بل على كافة الجوانب المالية والاجتماعية والإدارية والعسكرية .
وفي الجلسة الرابعة تحدث د.متين توبراك عن مجالات التعاون الاقتصادي الممكنة بين سوريا وتركيا .
بدورة تحدث د. مروان قبلان عن دور تركيا في مفاوضات السلام حيث نوه إلى وضع تركيا بعد الحرب العالمية الأولى وخلال الحرب الباردة ، بدأت تبني لنفسها دور مختلف وتنخرط أكثر في محيطها الإقليمي وتترجم عملياً عمقها الإستراتيجي ، وأشار إلى أن علاقات الثقة بين سوريا وتركيا تعززت بعد زيارة الرئيس بشار الأسد إلى تركيا وعقبها طُرح أن تلعب تركيا دور في مفاوضات السلام مع اسرائيل ثم تعزز الدور التركي في المفاوضات بعد حرب تموز الأخيرة في لبنان بالإضافة إلى موقف تركيا من الحرب الاسرائيلية على غزة ، هذا كله زاد أواصر الثقة وغير صورتها لدى العالم الإسلامي وأهلها لتلعب دور مهم في حل الصراع العربي الاسرائيلي .
ثم تحدثت د.نهلة عيسى من سوريا عن العوامل المؤثرة في ظهور صورة جديدة لتركيا في العالم العربي منها أنها لم تعد تتجاهل التاريخ العربي الإسلامي وأدركت أهمية المتغيرات التي طرأت على المنطقة وموقفها من الحرب على العراق حيث رفضت المشاركة في غزو العراق ووقفت ضد تقسيم العراق بالإضافة إلى نقد تركيا للسياسات الإسرائيلية خاصة في ضوء موقف دولي يقول ان انتقاد اسرائيل من المحرمات و موقفها من الحرب على غزة ساهم في تبني صورة شديدة التقدير للشعب والحكام الأتراك .
في الجلسة الخامسة والأخيرة تحدث د. علي بوران من تركيا عن دور التكية السليمانية في دمشق في العلاقات الثقافية السورية-التركية حيث أكد أن للتكية السليمانية معنى رمزي هام في العلاقات السورية التركية فالتكية السليمانية في دمشق وجامع السليمانية في تركيا بناهما السلطان العثماني سليمان.
تحدث د. بسام أبو عبد الله عن الدبلوماسية العامة ( الشعبية ) ودورها في تنمية العلاقات السورية التركية فعرف د. أبو عبد الله الدبلوماسية العامة بأنها أحدث الأدوات غير التقليدية التي تلجأ إليها دول العالم فلم تعد الدول تعتمد على الطرق الدبلوماسية فقط للتواصل بينها بل أصبح للتواصل بين الشعوب دور هام في تعزيز العلاقات.
كما وعرض د. أبو عبدالله مجموعة من المقترحات للبلدين سوريا وتركيا وذلك لتمتين العلاقات بينهما منها :
– توفير برامج تلفزيونية عن مايجري من تطورات في سوريا وإطلاق موقع الكتروني باللغة التركية عن سوريا وبالمقابل إنشاء موقع الكتروني ناطق باللغة العربية لتزويد المهتم في سوريا بآخر التطورات في تركيا .
– من الجانب السوري : إنشاء مركز ثقافي عربي سوري في اسطنبول لتعزيز التواصل الثقافي مع المجتمع التركي .
– التوجه إلى تعاون علمي أكاديمي بين البلدين كإيفاد الطلبة السوريين إلى الجامعات التركية وبالعكس .
– تعزيز برامج تبادل الأساتذه الجامعيين لإلقاء المحاضرات .
– إقامة معسكرات جامعية شبابية بين الشباب السوري والتركي .
– بالنسبة لإعلام : ضرورة إنشاء محطة تركية خاصة ناطقة باللغة العربية لنقل كل ما يدور في تركيا اسوة بالعديد من الدول مثل روسيا وفرنسا وألمانيا .
– ضرورة استضافة محللين سوريين في المحطات الفضائية التركية وكذلك الأمر بالنسبة لسوريا .
– زيادة تبادل الفرق الفنية والفلكلورية .
– تشجيع حركة الترجمة .
– إنشاء جمعية صداقة سورية تركية شعبية أسوة الجمعية السورية البريطانية للعلاقات العامة.
يذكر أن مركز (ADAM) للدراسات الإستراتيجية هو مؤسسة غير حكومية مقرها أنقرة يعمل على تنفيذ مشاريع مشتركة مع شركاء وطنيين ، ودوليين لتنمية العلاقات بين شعوب المنطقة .
الأكاديمية السورية الدولية للتدريب و التطوير مؤسسة علمية غير حكومية لتدريب الكوادر في مجالات الإعلام والعلاقات العامة والشؤون الدولية والدبلوماسية.