قراءة في قانون مكافحة جرائم الاتجار بالبشرفي سورية
عقدت الأكاديمية السورية الدولية للتدريب والتطوير اللقاء الدوري للطاولة المستديرة بتاريخ 8/2/2010، تحت عنوان ” قراءة في قانون مكافحة جرائم الاتجار بالبشر في سورية”، حيث قدم الدكتور ابرهيم دراجي ورقة عمل في هذا المجال، بحضور عدد من السادة السفراء وممثلي المنظمات الدولية والدبلوماسيين وأعضاء مجلس أمناء وإدارة الأكاديمية وطلبة دبلوم الشؤون الدولية والدبلوماسية.
افتتح د. نزار ميهوب رئيس الأكاديمية السورية الدولية للتدريب والتطوير لقاء الطاولة المستديرة مرحباً بالحضور، وقدم الدكتور ابراهيم دراجي الذي قام بإعداد ورقة العمل.
بين الدكتور دراجي بداية أن فكرة تشريع قانون خاص بمحاربة الاتجار بالبشر في سورية جاءت عام 2005، كتوصية من توصيات ورشة عمل عقدت بالتعاون بين وزارة الداخلية والمنظمة الدولية للهجرة. في ضوء ذلك وبتاريخ 20 / 9 / 2005 صدر قرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 5114 والقاضي بتشكيل لجنة مهمتها صياغة مشروع قانون لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص. وقد تعرضت اللجنة أثناء عملها لعدة تحديات وتساؤلات منها مدى الحاجة لصياغة هكذا قانون، وهل يوجد جرائم اتجار بالأشخاص في سورية ؟ وهل هي على قدر من الأهمية والخطورة لدرجة تستوجب صياغة قانون خاص بها ؟
بعد ذلك انتقل الدكتور دراجي لتوضيح مفهوم جرائم الاتجار بالأشخاص وفق التعريف المعتمد في الأمم المتحدة، حيث بين أن الاتجار بالأشخاص هو “تجنيد ونقل وإيواء أو استقبال الأشخاص من خلال وسائل التهديد أو استخدام القوة أو غيرها من أساليب الإكراه والاختطاف والتزوير والخداع وسوء استخدام السلطة أو موقف ضعف أو إعطاء أو استلام دفعات مالية أو خدمات للحصول على موافقة الشخص على أن يسيطر عليه شخص أخر من اجل استغلاله. ويتضمن الاستغلال في حده الأدنى، استغلال الأشخاص للعمل في البغاء أو أية أشكال أخرى من الاستغلال الجنسي، أو الإكراه على العمل أو الخدمات؛ العبودية، أو ممارسات مشابهة للعبودية؛ الأشغال الشاقة الإجبارية، أو إزالة الأعضاء”.
وأشار إلى أن الاتجار بالأشخاص يتجلى عالمياً بعدة صور أهمهاالغايات الجنسية، الاتجار بالأطفال(لأغراض الاستغلال الجنسي والتجنيد والتبني والعمل القسري)، بيع الأعضاء البشرية، واعمال السخرة والاسترقاق.
حيث يعيش 27 مليون إنسان حول العالم، 80% منهم من النساء، والأطفال. من خلال تجارة البشر التي أمست أكبر تجارة غير شرعية في العالم. وتقدر منظمة العمل الدولية أرباح استغلال النساء، والأطفال جنسياً بحوالي 28 مليار دولار سنويا، كما تقدر أرباح العمالة الإجبارية بحوالي 32 مليار دولار سنوياً,وأكدت المنظمة أن 98% من ضحايا الاستغلال التجاري الإجباري للجنس هم من النساء والفتيات .
وفي إطار بيانه للأسباب الموجبة لإصدار القانون السوري حول مكافحة جرائم الاتجار بالبشر أشار الدكتور دراجي إلى عجز أي مجتمع عن منع كل أنواع الجرائم بما فيه سورية، حيث أن هذه الجريمة لها دوافع قد تكون موجودة في مجتمعنا مثل الفقر والهجرة وعدم المساواة بين الجنسين وازدياد الأطفال المتشردين وقلة فرص العمل ونقص الأنظمة والقوانين والوضع الجغرافي. وقد أشار إلى بعض صور ومظاهر الاتجار بالبشر في سورية كما نشرت في وسائل الإعلام، حيث تناولت البغاء ووضع خدمات المنازل والاتجار بالأعضاء، ولكنها كانت حالات فردية لم تصل إلى حد الظاهرة.
وقد بين أن من الأسباب الموجبة أيضاً لسن القانون هو خطورة الأبعاد الأمنية المترتبة على الاتجار بالأشخاص، إضافة إلى الإنعكاسات الاقتصادية السلبية المترتبة، وأن عدم وجود تشريعات ناظمة سيفاقم المشكلة.
بعد ذلك عرض الدكتور دراجي أهم ما تضمنه قانون الاتجار بالبشر الذي صدر في سورية بداية عام 2010، حيث بين أن يهدف إلى منع ومكافحة الاتجار بالأشخاص، وإيلاء اهتمام خاص للنساء والأطفال ضحايا هذا الاتجار، وحماية ضحايا الاتجار ومساعدتهم وتقديم الرعاية المناسبة لهم واحترام كامل حقوقهم الإنسانية. وتعزيز التعاون الدولي في مواجهة مرتكبي جرائم الاتجار بالأشخاص. وإيجاد أساس تشريعي لثقافة اجتماعية تسهم في الوقاية من هذه الجريمة وتحسن التعامل مع آثارها.
واخيراً شرح الدكتور دراجي أهم تحديات تنفيذ القانون وهي:
• المأوى حيث أشار إلى تجربتين ناجحتين في هذا المجال لدى كل من وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
• إنشاء إدارة جديدة لدى وزارة الداخلية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر.
• تأهيل الكوادر.
• نشر الوعي.
1. سأل الدكتور ميهوب: عن التجربة العربية في إصدار قوانين متخصصة في مكافحة الاتجار بالأشخاص. حيث بين الدراجي أن هناك عدة دول عربية لديها مثل هذا القانون هي السعودية الأمارات قطر البحرين الجزائر..ولكن كل دولة قانونها الخاص وما يميز القانون السوري هو موضوع المأوى الإلزامي وتجريم المنتفع وعدم تجريم الضحية وإنشاء إدارة مختصة في وزارة الداخلية بعدد كبير من الضباط والإداريين.
2. بين الدكتور عيسى درويش الأسباب السياسة والاقتصادية التي تؤدي إلى الاتجار بالبشر، وأشار إلى أهمية معالجة هذه الأسباب أساساً لتفادي مثل تلك الجرائم، وقد اقترح في هذا المجال التركيز على إنشاء صناديق لمكافحة البطالة وبرامج التأمين الصحي و وخلق رأي عالمي لمعالجة هذه الظاهرة.
3. اكد السيد وائل السواح ممثل السفارة اللبنانية على أهمية القانون السوري لمحاربة الاتجار بالبشر، ولكنه أبدى تخوفاً بالنسبة لتعليماته التنفيذية، وأشار إلى ضرورة إشراك المجتمع المدني في موضوع التوعية. وقد عقب الدكتور دراجي موضحاً بأن القانون لا يحتاج لتعليمات تنفيذية التي تضمنها بالأساس، وبين أن موضوع إشراك المجتمع المدني متضمن بالقانون.
4. بين الدكتور دراجي في معرض رده على مداخلة لممثلة السفارة الأيرلندية أنه بالنسبة للخصوصية تم أخذ تعريف الأمم المتحدة، ولكن لكل مجتمع ظروفه فالمجتمات الشرقية تتأثر بشكل كبير برجال الدين في مجال التوعية على سبيل المثال.
5. عرض ممثل السفارة النيجيرية التجربة الناجحة لبلاده في مجال محاربة الاتجار بالبشر، وأشار الدكتور دراجي إلى أهمية الاستفادة منها في مجال ابرام اتفاقيات عربية في مجال التعاون لمحاربة الاتجار بالبشر.
6. أشاد السفير المغربي بالقانون السوري، وبين أنه نموذج يحتذى به، وتعرض إلى العوامل والدوافع المسببة للاتجار بالبشر وأهمية دراستها تمهيداً لمعالجتها، كما أكد الإعلام في التوعية، واهمية التعاون الاقليمي. وقد عقب الدكتور دراجي إلى ضرورة طرح هذه القضية في البرلمان العربي المنعقد في دمشق قريباً.
7. عرضت السيدة ماريا رمان ممثلة المنظمة الدولية للهجرة دور المنظمة في مساعدة الحكومة السورية في مكافحة الاتجار بالأشخاص، وأشارت إلى تشكيل لجنة توجيهية في مجال الإحالة والشكوى، وإلى استعداد المنظمة لتقديم الدعم في مجال التوعية بالتعاون مع الجهات الوطنية السورية.
8. اقترح الدكتور نزار ميهوب في ختام الجلسة عقد ورشات عمل موسعة للتعريف بالقانون وإعداد حملات علاقات عامة لنشره على مستوى سورية