حوار الطاولة المستديرة الموقف الإسرائيلي من خيارات الحرب والسلام
قدم الدكتور عيسى درويش ورقة عمل قدمها في اللقاء الدوري للطاولة المستديرة الذي نظمته الأكاديمية السورية للتدريب والتطوير يوم الاثنين 1/6/2009 تحت عنوان: ” قراءة في الموقف الإسرائيلي من خيارات الحرب والسلام ”
حضور اللقاء عدد من السفراء والدبلوماسيين وأعضاء مجلس أمناء إدارة الأكاديمية السورية الدولية وطلبة دبلوم الشؤون الدولية والدبلوماسية، و السفير الروماني والسفير المغربي والسفير السوداني والسفير النيجيري والسفير الدنمركي والقائم بالأعمال الإيراني وممثل الشؤون الخارجية في سفارة صربيا ونائب رئيس البعثة في السفارة الفنلندية وممثلة سفارة جنوب إفريقيا والسكرتير الثاني في السفارة الأردنية والسكرتيرة الثالثة في السفارة البرازيلية بالإضافة للسكرتير الثالث في السفارة التركية وعدد من الخبراء والمختصين السوريين.
اعتبر د.عيسى درويش أن المناخ اليميني المتطرف في إسرائيل والطرح العنصري ليهودية دولة إسرائيل والتلميح المستمر بالعدوان واستخدام منطق القوة ضد الدول العربية إضافة لابتكار عدو جديد لهذه الدول وهو إيران كل هذا لا يدل على رغبة في السلام ،وأوضح درويش أن اليمين الإسرائيلي بأحزابه كافة يصر على عدم الانسحاب من كامل الأراضي التي احتلت بعد عام 1967 مؤكداً أن هذا إن دل فهو يدل أن خيارات إسرائيل غير موجودة للسلام خاصة بعد التصريحات المتطرفة لنتنياهو المتمثلة بوضعه فيتو على كل ما يتعلق بالقدس وبالقرار الدولي 194 المتعلق بعودة اللاجئين ورفضه إزالة المستوطنات الإسرائيلية أو الحد من بناءها إضافة لطروحات وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان حول عدم نية إسرائيل الانسحاب من الجولان السوري المحتل وإجراء مفاوضات سلام مع سوريا .
وكان د.نزار ميهوب رئيس مجلس إدارة الأكاديمية السورية الدولية قد افتتح لقاء الطاولة بعدة تساؤلات ينتَظَر الإجابة عليها وهي: هل السلام أصبح ممكناً بعد حرب تموز 2006 وحرب غزة 2009 وهل ماتت المبادرة العربية للسلام قبل أن تولد ، ألم تؤكد المؤسسة العسكرية الإسرائيلية والمؤسسة الأمنية أن لا مصلحة لإسرائيل في خوض حرب جديدة في المنطقة وهل ما تشهده اسرائيل من أكبر مناورة عسكرية في تاريخها هو مؤشر لحرب محتملة وما هو مصير المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية والمفاوضات السورية الإسرائيلية وما هو حقيقة الموقف الإسرائيلي من خيارات الحرب والسلام.
وقدم د. عيسى درويش السفير ومعاون وزير الخارجية الأسبق في ورقته تحليلاً حول الموقف الاسرائيلي من قضية السلام في المنطقة فأشار إلى أن العرب قدموا مبادرة للسلام في قمة بيروت 2002 بعد أن تقدمت بها السعودية ،ولكن بقيت هذه المبادرة مرفوضة من قبل الإسرائيليين خاصة شارون ، كما وضع على مبادرة اللجنة الرباعية المؤلفة من الولايات المتحدة – روسيا – الاتحاد الأوروبي – الأمم المتحدة ثلاثة عشر تعديلاً ، حتى مؤتمر أنابوليس الذي دعا إلية بوش المنتهية ولايته ضربت اسرائيل بقراراته عرض الحائط ، وربطت المفاوضات مع الفلسطينيين باستمرار مقاطعة حماس وحصار غزة والتوغل داخل الضفة الغربية والعمل على تأجيل البحث في قضايا الحل النهائي ومواصلة الاستيطان.
ونوه درويش إلى أن العرب ما زالوا يتمسكون بالمبادرة العربية التي لا يتمسك بها أحد سوى العرب . وقد تم الإعلان في مؤتمر قمة الكويت وقمة الدوحة من بعده ، إن هذه المبادرة لا يمكن أن تستمر إلى سنوات، وحول المفاوضات السورية الإسرائيلية أشار إلى أن المفاوضات توقفت في عام 2000 بعد فشل كلينتون في التأثير على باراك للانسحاب من الجولان إلى حدود 1967 كما جاء في وديعة رابين . وفي عام 2008 بدأت مفاوضات غير مباشرة بوساطة تركية وثم توقفت بعد العدوان على غزة ، ويمكن القول أن الموقف السوري هو ما أعلنه الرئيس بشار الأسد بأن المفاوضات لا تتم إلا بعد إعلان إسرائيل لقبول متطلبات السلام وهذا غير متوفر الان ودعا الولايات المتحدة أن تكون شريكاً نزيهاً وكذلك الاتحاد الأوربي .
وحول اوباما قال أنه لا يمكن الحكم مبكراً على إدارة الرئيس أوباما وكيفية تعامله مع الأزمة وخاصة بعد التباين الواضح في المواقف بين إسرائيل والولايات المتحدة ،مشيراً إلى أن هناك مخاوف داخل الولايات المتحدة وإسرائيل من ان يقوم نتنياهو بمغامرات غير محسوبة تلحق ضرراً فادحاً بالمصالح الأمريكية و الإسرائيلية على السواء والنتيجة لا يلوح من حكومة اليمين الحالية أي امل في تحقيق اختراق كبير في عملية السلام كما فعل مناحيم بيغن 1979 – أو اسحق رابين 1994..
واختتم أنه في المستقبل القريب ينتظر الجميع مبادرة الرئيس أوباما والتي يتوقع أن يعلن عنها في زيارته للقاهرة في شهر حزيران 2009 .
ويتوقع الخبراء أن لا تخرج عما طرحه الرئيس كلينتون على الرئيس عرفات في سنة 2000 , بالإضافة إلى عدم وضوح الموقف الإسرائيلي حول هذه المبادرة وخاصة رفض الدولة الفلسطينية والقدس واللاجئين والعودة إلى حدود 1967 . وبالرغم من الحذر والغموض السائد في المنطقة .. إلا أن احتمالات الحرب في القريب العاجل لا تبدو محتملة إلا إذا رغبت إسرائيل في تصدير أزمتها خارج الدولة الصهيونية لتخلق أزمات في الجوار وفي المحيط الإقليمي والدولي .
وقد حذر الرئيس بشار الأسد من سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية .. ومن احتمال ما ستجر على المنطقة مغامراتها العسكرية الغير محسوبة وخاصة في ظل الرفض المستمر للسلام ولتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
من جهته أكد السفير المغربي في دمشق ” أن إستراتيجية إسرائيل تعتمد في المرتبة الأولى على أمن إسرائيل و وجودها … لكن العرب لم يتفقوا على إستراتيجيتهم موحدة فعلى سبيل المثال نجح العرب في إستراتيجية التحرير في حرب تشرين 1973. وأشار إلى جانب هام وهو: أن إستراتيجية السلام العادل والشامل تعني ضمناً أنه يجب إن تكون هناك مقاومة عسكرية وعمل سياسي مرافق ومفاوضات سلام.
والمفاوضات هي إحدى مقومات السلام…
و عندما اعتمد العرب إستراتيجية السلام العادل والشامل وبدؤوا المفاوضات مع إسرائيل لم تجمعهم رؤية مشتركة حولها مشيراً إلى أن قوة التفاوض لدى العرب تضاءلت … وما حدث في غزة كان نكسة أدت إلى تفرق الشعب الفلسطيني فتراجعت منظمة التحرير الفلسطينية كقائد لشعبها ، كما توقع أن هناك تحسن وانفراج على المستوى الدولي مع قدوم إدارة أوباما الجديدة كما أكد في نهاية مداخلته أن الرهان الأكبر يجب أن يكون على قوة و وحدة الصف الفلسطيني.
السفير السوداني في دمشق أكد من جهته أن الوصول للسلام يجب أن يقترن بالوصول إلى توازن قوى وقال “إذا كانت إسرائيل لا تعد للحرب على المدى القريب فهذا يعني أنه لا حاجة لديها للحرب فالطرف الثاني انهزم مسبقاً “.
أما القائم بالأعمال الإيراني فقد أكد أن الحق يؤخذ بالمقاومة وأن التواجد الإسرائيلي في المنطقة يخدم المصالح الرأسمالية الغربية مشيراً إلى عدو وجود سلام إنما الهدف إجهاض الأمة العربية والإسلامية لنهب الثروات في الهلال الخصيب والرافدين ويجب علينا تبني قضية المقاومة وعم الانجرار وراء أقوالهم بالسلام فقد دخلوا إلى العراق بحجة السلام ولكن كانت النتيجة أنه لا سلام في العراق .