التحليل السياسي
يُعبِّر التحليل السياسي عن عملية حسابية تهدف لمعرفة الواقع من خلال تفكيك موضوعات الظاهرة موضع البحث، وذلك بعد تحديد المسائل المؤثرة والأسباب الدافعة لهذا الحدث، وهنا فإنه من المهم الإحاطة بعدة نقاط رئيسية منها:
- الإدراك التام للمؤثرات الداخلية والخارجية المحيطة بالظاهرة موضع البحث.
- العمل على تفكيك الظاهرة وموضوعاتها ثم تقسيمها لعدة تساؤلات رئيسية وفرعية.
- الربط بين النتائج تحت سقف الهدف من عملية التحليل.
وهنا فإننا نقوم بتهيئة الأرضية المناسبة لفهم وإدراك الظاهرة السياسية بشكلٍ علمي وواضح، حيث تبتعد فلسفة التحليل السياسي عن التضخيم والتبسيط، وكذلك المبالغة في طرح الأمثلة حول الظواهر التي تمّ البحث فيها لتأكيد الرأي، كذلك فهي تبتعد عن اللغة العاطفية كما وعن التوجيه المباشر أو الخطابة أو الإقناع بالتخويف، أو إطلاق الاتهامات دون بحث ومعلومات، كما يَستخدم التحليل السياسي المصطلحات السياسية المبسّطة والمتداولة ذات المعاني والمدلولات المحددة القادرة على مخاطبة ذهن الرأي العام.
وعند الحديث عن أدوات التحليل السياسي فقد أجمع الباحثون على الجوانب التي تتيح للباحث العمل عليها وهي:
- مصادر المعلومات الحديثة والمتاحة كالإحصاءات والتصريحات الرسمية.
- معطيات الخارطة السياسية.
- الاستبيان والاحصاء واختيار العيّنات بدقة.
- المخزون المعرفي الذهني لا سيما بجوانب الموضوع المبحوث.
- مصادر المعلومات الخاصة التي يمكن للمحلل السياسي أن يحصل عليها من خلال موقعه أو اتصالاته.
- الاستطلاع الإعلامي والتغطية الميدانية.
أخيراً فإن أهم هذه الأدوات التي لا يمكن التحليل بدونها وهي الطرائق العلمية والنظريات الأكاديمية في شتى فروع ومجالات العلوم السياسية والعلاقات الدولية.
حيث يُعتَبَر ما قدمه “كينيث ولتز” أحد أهم الأدوات في التحليل على المستوى الدولي لا سيما لدى أتباع النظريات الوضعية، حيث طوّر أساتذة العلوم السياسية هذه الطريقة خلال الخمسينات والستينات من القرن العشرين، لتساعدهم في دراسة العلاقات الدولية.
وهنا فإن البدايات الأولى لمسألة مستويات التحليل ترجع إلى عام 1959 حين كتب “كينث ولتز” كتابه الشهير “الإنسان، الدولة والحرب” الذي أشار فيه إلى أنَّ أسباب الحرب يمكن أن توجد في ثلاثة مستويات هي:
- مستوى بنية النظام الدولي:
يتضمن مستوى بنية النظام الدولي دراسة مجموعة من العوامل، أهمها:
- توزّع القوى في النظام الدولي.
- عدد الوحدات الفاعلة في العلاقات الدولية، وخاصة القوى التي تتمتع بدور فعال، إذ يرى بعض علماء السياسة أنه كلما زاد عدد الوحدات زادت العلاقات الدولية تعقيداً وأصبحت البيئة الدولية أكثر تأثيرا في سلوك الدول.
- دور المنظمات الدولية والقانون الدولي وكذلك دور الشركات متعددة الجنسيات.
- مستوى الدولة:
عند دراسة الدولة كمستوى للتحليل يتم التركيز على العوامل الآتية:
- طبيعة النظام السياسي.
- الأوضاع الاقتصادية للدولة.
- دور المؤسسات والبيروقراطيات في صنع القرار.
- الرأي العام.
- مستوى الفرد:
في هذا المستوى نتناول عادة مجموعة من العوامل المتعلقة بالفرد وأهمها:
- شخصية صانع القرار.
- الأيديولوجيا التي يتبناها صانع القرار.
- الدين والمعتقدات الدينية.
- تصور صاحب القرار عن المسألة المطروحة.
- البيئة النفسية لصانع القرار.
- الحسابات أو الخطأ في الحسابات من قبل صانع القرار.
في النهاية يُعتبر التفكير والتحليل السياسي من أقدم النشاطات الذهنية التي مارسها الإنسان وخاصة الفلاسفة والمفكرين، وكان أول موضوع يشغل بال الإنسان ويفكّر فيه بعمق هو كيف يحمي نفسه ويؤمّن بقاءه واستقراره ويلبي احتياجاته، ثم أخذ يفكّر في كيفية السيطرة على محيطه، حتى ينظّم حياته ويمد نفوذه ويدير علاقاته مع الآخرين ويؤثّر في قناعات من حوله، كانت هذه أسئلة السياسة الأولى والتي ما زالت هي نفسها تتردد اليوم في مجالاتها.
الأكاديمية السورية الدولية
SIA 2019