التخطيط الاستراتيجي
التخطيط الاستراتيجي هو المدلول الاصطلاحي للتخطيط بعيد المدى، حيث يأخذ هذا التخطيط في الاعتبار جميع المتغيّرات الخارجيّة والداخليّة، ويقوم بتحديد جميع الشرائح والقطاعات المستهدفة، إضافةً لطرق المنافسة.
ومن جانب آخر يقوم التخطيط بالإجابة على سؤال هام فحواه: إلى أين نحن ماضون؟ آخذاً في الاعتبار الرؤية المستقبليّة للمؤسسة أو الدولة وعلاقات التكامل والارتباط بين جميع جوانب هذه الفواعل، إضافةً إلى الأنشطةِ المختلفة التي تقوم بها والعلاقة التي تربط الوحدة بالبيئة المحيطة بها، إذ يعتبر هذا النوع من التخطيط واحداً من المكوّنات الأساسيّة للإدارة الاستراتيجيّة، ويعتمد على التبصّر بوضع المؤسسة أو الدولة مستقبلاً، ثم العمل على الاستعداد له.
خصائص التخطيط الاستراتيجي
بناءً على نتائج دراسة نماذج التخطيط الاستراتيجي الشامل، يمكن حصر الكثير من فوائد ومضار التخطيط الاستراتيجي الشامل في الدولة، وهذا يقتضي الرجوع إلى جذور التخطيط الاستراتيجي الذي يُعتَبَر بالأساس وسيلة إدارة، وكأي من آليات الإدارة فهو يُستخدم لغرض واحد ألا وهو مساعدة المنظمة في القيام بعملها على أفضل وجه، بتركيز طاقتها والتأكد من أنَّ أعضاءها يعملون من أجل نفس الغايات، وتقييم توجّه المنظمة في بيئة تتّصف بالتغيّر وتعديل ذلك التوجّه ليساير المتطلبات المتغيرة. وبإيجاز فإن التخطيط الاستراتيجي هو جهد منتظم لاتّخاذ قرارات أساسية والقيام بأعمال تشكّل وتوجّه هوية منظّمة، وما تفعله، ودوافع ما تفعله، مع التركيز على المستقبل.
وعملية التخطيط الاستراتيجي هي من أكفأ طرق التخطيط التي تصلح لرسم خطط المستقبل للدول، لأنَّ التخطيط الاستراتيجي الناجح يحقق:
▪ يؤدي إلى فعل.
▪ ينشئ رؤية مشتركة قائمة على قيم.
▪ عملية شمولية، فيها شراكة حيث يشارك في ملكيتها الرؤساء والمرؤوسون.
▪ تتقبّل رقابة ومحاسبة المجتمع.
▪ تقوم على بيانات تتميّز بالجودة والمصداقية.
▪ تتطلب انفتاحاً في التعرّف على الأحوال الراهنة.
▪ جزء هام من الإدارة الفعالة.
▪ تهتم بالعوامل الخارجية والحساسة لبيئة المنظمة.
فوائد التخطيط الاستراتيجي
▪ المساعدة على إيجاد مستوى عال من الالتزام بغايات المنظمة من جانب أصحاب المصالح الرئيسين:
إذ لو أنَّ كل أصحاب المصالح من عاملين في المنظمة ومسؤولين كبار، ومدراء شاركوا في عملية التخطيط الاستراتيجي فإنَّ من المتوقّع أنهم سيلتزمون بقراراتهم كما أنَّ ذلك سيسهل إنجاز الأهداف.
▪ العمل على القصد في استخدام الموارد:
هناك موارد مالية محدودة لهذا فإنَّ من المنطقي توجيه تلك الموارد لتحقيق أهم الأهداف.
▪ الإجماع على توحيد أساليب التخطيط:
التخطيط الاستراتيجي عملية استشارات ومفاوضات تساعد على توضيح المواقف وتوحيد السبل المختلفة في التخطيط.
▪ الحرص على استجابة الحكومة لمطالب الناس:
بناء الخطة الاستراتيجية على حصر شامل للاحتياجات وأولوياتها يتيح الفرصة لبنائها على أساس الطلب.
▪ وضع إطار سياسي وتنظيمي لإنجاز أهداف الحكومة:
التخطيط الاستراتيجي آلية للإدارة تقوم بوضع إطار تنظيمي لتحقيق الأهداف، وفي الواقع أنَّ عملية التخطيط الاستراتيجي تستهلك الكثير من الموارد القيمة بالنسبة للحكومات، ولكون العملية تؤدي في النهاية إلى تحديد اتجاه وأنشطة المنظمة فإنها مهمة ضخمة وشاقة، غير أنَّ منافع التخطيط تفوق صعوبة إجراء العملية، وفي الواقع أنَّ هناك العديد من المغانم التي يمكن جنايتها من عملية التخطيط الاستراتيجي، إلى جانب الاستفادة من وثيقة الخطة الاستراتيجية النهائية، فإنَّ نشاط فريق التخطيط في حد ذاته كجزء من عملية التخطيط الاستراتيجي يمكن المشاركين من أداء مهامهم بفاعلية أكبر، إلى جانب أنَّ القادة من مدراء وصُنّاع قرار يصبحون أكثر إلماماً بالمنظمة وخصوصياتها، كذلك فإنَّ الوثيقة النهائية تُشكّل آلية عملية لإدارة المنظمة بصورة فعالة وعملية، والوقت الذي يمضي في عملية التخطيط الاستراتيجي يختلف من منظمة إلى أخرى ويعتمد على الموارد المتاحة للعملية، ومهما كان الوقت الذي يقضيه المخططون في العملية فإنَّ المنظمة تجني ثمار الخطة الاستراتيجية بمجرد البدء في العملية.
ومن بين الفوائد الرئيسة لعملية التخطيط الاستراتيجي ووضع الخطة النهائية:
▪ إطار واتجاه محدد بوضوح يرشد ويدعم إدارة المنظمة.
▪ رؤية وغرض واحد يشارك فيه كل الأعضاء.
▪ مستوى التزام عالٍ للمنظمة وغاياتها.
▪ جودة عالية للخدمات ووسيلة لقياس مستواها.
▪ أساس لتطوير وتنمية الموارد.
▪ قدرة على وضع مجموعة من الأولويات وعلى التناغم بين الموارد والفرص.
▪ القدرة على التعامل مع المخاطر من البيئة الخارجية.
▪ عملية تعين في التعامل مع النكبات.
إنَّ التخطيط عملية منهجية تهدف إلى محاولة تشكيل صورة المستقبل بقرارات تُتَخَذ في الحاضر، وتشمل معطيات أساسية لاتخاذ القرارات، ومعاينة بدائل مختلفة، وإعداد خطط لوضع البدائل الأفضل موضع التنفيذ، على أن تتّصف الخطط بالواقعية والمرونة.
ويعتبر التخطيط الاستراتيجي (Strategical Planning) طويل الأمد، واستخدام المستقبليات التبادلية، من العناصر الهامة للتخطيط للأمن القومي خاصةً في مواجهة الأزمات الطارئة التي تحدث.
وتُمَثّل الغاية القومية National Object) ) الآمال والطموحات القومية للدولة، التي يهدف تخطيط الاستراتيجية القومية إلى تحقيقها، وبالتالي تنبثق منها الأهداف القومية كافة.
وتُعتبر المصلحة القومية للدولة أساساً هاماً تبني عليه استراتيجيتها القومية وسياستها الخارجية والدفاعية وصولاً إلى تحقيق أهدافها وغاياتها القومية.
وعلى ذلك فالسياسة هي محصّلة الحركة للعمل السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي والمعنوي التي تتم في إطار الاستراتيجية القومية وصولاً إلى الهدف القومي، وهي مجال نشاط القيادة السياسية.