
استراتيجيّات إدارة الأزمات: مزاعم في المؤسّسات التّعليميّة
هناك خمسة خطوط أساسيّة تتسبّب في النّجاح أو الإخفاق عندما تقع الأزمة. التخطيط الإستباقي والإعداد الفوري يعدّان أمرين جوهريّين في الحدّ من خطر الضّرر بالسّمعة.
بقلم: ساندي ليش
غالباً ما تكون المؤسّسات التّعليميّة اليوم في دائرة الضوء رغبةً منها في التميّز الأكاديمي والبراعة الرّياضيّة وإنجازات الكليّة والطّلاب. حيث قلّل بناء السّمعة الإيجابيّة هذه من الأنباء الّتي تتحدّث عن ارتفاع تكلفة قضايا التّعليم وإمكانيّة الوصول إليها في بعض الأحيان. لكنّ الضرر الأكبر لسمعة مؤسّساتنا التّعليميّة حتى الآن هو الأزمات الّتي أصبحت وللأسف شائعةً جداً، والّتي يمكن أن تخلق تحدّيات تتخطّى المؤسّسات المتضررة نفسها. فقد أصبحت حوادث إطلاق النّار في الحرم الجامعي وانتهاكات التمييز المذكورة في الفصل التّاسع ومزاعم الاعتداء الجنسي والقضايا العرقيّة والتّقاضي وانتقال الزّعامات جزءاً من مشهد التّعليم اليومي الّذي يجب على كل المؤسّسات التّعليميّة أن تكون معنيةً به.
لقد كان هناك تحوّل واضح في التّفكير لم يعد على ما هو عليه الآن، تحوّل من “ماذا ينبغي أن نرد إذا” حدث أمر سيء، إلى “كيف سنرد عندما” يحدث أمر سيء. حيث سيساعد التخطيط الاستباقي والهيكليّة الّتي تسمح بفورية الاتصالات أثناء الأزمات المؤسّسة على التّعامل مع المخاطر وإدارة السّمعة.
لقد عملتُ في اتصالات الأزمة لسنوات مع العشرات من مؤسّسات التّعليم العالي والمدارس المستقلة وكذلك العديد من الشّركات والمنظّمات غير الرّبحيّة، وقد رأينا ما يصلح وما لا يصلح. وجدنا لدى المؤسّسات الّتي تتعاون بشكل مدروس عبر الأقسام المختلفة – الإدارة والأمناء والمستشارون القانونيّون والاتصالات- والاستجابة مع إحساس بالفوريّة والموثوقيّة، وجدنا قدرةً أكبر على ترسيخ الدّعم والتّفهّم داخل مجتمعاتهم يتخطّى وضع الأزمة على نحو أكثر فعاليّة.
كما يجب أن تُفهم قدرة أصحاب الشّأن على معالجة معلومات الأزمة والاستجابة لها وتجاوزها، بالإضافة إلى التّحضير لها والتعامل معها بشكل مدروس. ففي حين أصبح العديد من القائمين على الاتصال على الفور قلقين بشأن كيفيّة التّعامل مع وسائل الإعلام، يُعتبر من المهم جداً اعتبار الطلاب وأعضاء هيئة التّدريس من موظّفين وخرّيجين، والجّهات المانحة والآباء والطّلاب المحتملين جزءاً من إستراتيجيّة التّوعيّة الاستباقية.
ولا يعتبر دورنا في نقل الأفكار فقط مجرّد ابتكار رسائل واضحة ومتّسقة للعديد من الجّهات المعنيّة في المدرسة، لكن لنا دور في أن يكون لدينا خارطة طريق يتم فيها تطبيق كيفيّة تشارك معلومات الأزمة.
أجد أنّ هناك خمسة مجالات تتسبّب في تقدّم أو إخفاق نجاح الاتصالات في الأزمات: التّقييم والسّياق والقرارات والإستراتيجية والنّاطق. وهي توفّر إطاراً عمليّاً لإدارة أزمة ما، وعلى نحو منفصل يمكن أن تكون خطّ تصدّع تأخذ عنده الأزمة منعطفاً سلبياً لا ضرورة له.
التّقييم:
يجب على أيّ فريق قيادة يواجه قضيّة حسّاسة أو ادّعاء أو أزمة أن يقيّم الفرص والحالة وأخطارها الآنيّة والطويلة المدى. كما يجب أن ينظر مدراء المدارس في كيفية ملاءمة هذا الحالة ضمن سياق مؤسّساتهم، وإلى أبعد من ذلك يأخذوا في الحسبان كل ما يتعلّق بالسّلامة العامّة والسّياسة والخصائص السّكانيّة والجغرافيا. ومن المهم أيضاً فهم البارامترات القانونيّة ومناطق الخطر ودور تطبيق القانون والسّياسات الحاليّة.
كما أنّه من المهم جداً أن تعرف كل الحقائق لتحدّد ما الّذي يمكن أن تفضي إليه. وفيما يلي ستّة أسئلة أساسيّة للكشف عن المعلومات ذات الصلة في الوقت المناسب، والّتي تساعد بدورها في تحديد الإستراتيجية:
– ما هو نطاق الحالة – هل هي قضيّة قائمة بذاتها أم أنّ هناك أموراً متعدّدة في مسرح القضيّة؟
– ما المدرسة الملزمة بالكشف؟
– ما هي الحقيقة أو الادعاء؟
– هل هناك من تحقيق – مستقل أو داخلي؟
– بمن يؤثّر هذا – متى وكيف وإلى متى؟
– ما هو الشّعار المتردد -على الإنترنت وغيرها- داخل المدرسة وخارجها؟
سياق الكلام:
ضع السّياق في الاعتبار لتغطية الأزمة المحتملة. أولاً لمحة عن المدرسة. هل المؤسسة قويّة جداً بحيث يمكن أن تتصرّف بدون اعتبار لحقوق الآخرين أو القانون؟ الأمر الذي قد يضعها مباشرةً في مشاهد وسائل الإعلام، ومن المرجّح أن تكون أخباراً إذا كان الأمر جزءاً من اتجاه أو موضوع إقليمي، ولكن على العكس من ذلك.. إذا كانت القضيّة نادرة وتعتبر من الحالات غير العاديّة هو الأمر يجعلها جديرة بالنّشر. وانظر إلى آخر ما يحدث في المدرسة لتحدّد أثر وتوقيت الاتصالات. يشمل هذا دورة التّسجيل ونداءات لجمع التّبرّعات وفعاليّات التواقيع وعطلة نهاية الأسبوع للآباء والأمّهات والافتتاحيّة وألعاب القوى.
القرارات:
يجب أن تتصرّف القيادة والاتصالات بسرعة وبشكل هادف بمجرّد أن يتمّ تقييم المسألة تقييماً شاملاً. وستعالِج القرارات الحاسمة الحاجة/ الحاجات المباشرة التي في متناول اليد، بينما يمكن أن تبرهن القرارات الإستراتيجية التي غالباً ما تكون على المدى الطويل على وجود التزام حقيقي لمنع تكرار المشكلة. فإذا كانت المشكلة هي خرق بيانات على سبيل المثال، يتم إنشاء فريق عمل لمراجعة السّياسات والإجراءات، يوصي هذا الفريق بإدخال التّحسينات وتطوير البرامج التّعليميّة، الأمر الذي يبرهن على وجود التزام لحماية أفضل للمجتمع. كما تبتكر الإجراءات الحاسمة فرصاً للتواصل مع أصحاب الشّأن الرّئيسيين من خلال معلومات ملموسة وقابلة للتنفيذ، فالفجوة المعرفيّة تؤدّي إلى التّكهنات والقيل والقال وعدم الثّقة والتّضليل.
وعادةً ما يكون النّهج المتعدّد الجوانب أفضل طريقة للوصول إلى العديد من ذوي الشّأن الّذين لا يستهلكون المعلومات ولا يجدونها في نفس الأماكن. فقد يكون البريد الإلكتروني على سبيل المثال القناة الأسرع والأكثر فعّاليّة للوصول إلى الجمهور، لكنّنا نعلم جميعاً تحدّيات مواكبة عناوين البريد الإلكتروني والتحايل على فلاتر الرسائل غير المرغوب بها. ربّما يكون هناك أيضاً رسالة إخباريّة حاليّة أو بلوغ أو اجتماع دوري لتحقيق الاستجابة المطلوبة- بالتّالي يتم تسليم الرّسالة ضمن قناة مواعيد منتظمة. وقد تتطلّب القضيّة فوريّة واتصالات ينبغي أن توجّه من خلال وسائل التّواصل الاجتماعي والمكالمات الآليّة والرّسائل النّصيّة والمواقع الإلكترونيّة.
الإستراتيجية:
أحياناً تتحرّك الأمور بسرعة يبدو فيها من المستحيل السّيطرة على الاتصالات. ذلك عندما ينقل الصّحفيّون الأخبار العاجلة وتشعل وسائل التّواصل الاجتماعي النيران. إلّا أنّ هناك طرقاً للمنظّمات في التّحكّم برسائلها بدرجات متفاوتة، بدلاً من أن تكون تحت رحمة طرف ثالث مثل وسائل الإعلام. كما تخلق الاتصالات المباشرة عبر القنوات الاجتماعيّة والرّقميّة والمباشرة شعوراً بالعلانيّة والشّفافيّة ينبغي أن يكون محوريّاً في أيّ إستراتيجية.
و على المؤسّسة أن تلتزم بتوفير أكبر قدر ممكن من المعلومات دون التّسبّب بمخاطر للمؤسّسة أو العاملين فيها. والأسئلة التّاليّة يمكن أن تصبح لبنة أساسيّة في إستراتيجيّة الاتصالات:
– ما هي الأهداف؟
– ما هي الرسائل الأساسيّة الّتي يمكن وينبغي إيصالها؟
– من هم الجمهور وكيف يتم ترتيبهم حسب الأفضليّة؟
– ما هي أفضل أدوات الاتّصال – المملوكة والمكتسبة على حدّ سواء؟
– كيف يؤثّر ذلك على الأنشطة المؤسّساتيّة الأخرى، وما الاتّصالات التي يجب أن يُعاد النّظر فيها لضمان الاستجابة للمسألة؟
فكل أزمة هي ظرفيّة بعمق، ويجب أن تمزج الشّفافيّة والمصداقيّة والسّريّة واحترام جميع الأطراف المعنيّة عند إدارة سمعة المدرسة والمقاضاة المستقبليّة المحتملة. إستراتيجيّة فعّالة للاتصالات تقوم بذلك من خلال النّظر في:
– الأهداف المؤسّساتيّة – جمع التّبرّعات والإقرارات والتّوظيف والاستبقاء.
– أصحاب الشّأن والقنوات – حيث ستجري “المحادثات” ومن هم أكثر المعنيّين.
– وعود قطعت وسلّمت بناء على السّياسات والدّورات التّدريبيّة والبرامج والاتصالات والانضباط.
– الاتّصالات المنفصلة التي يمكن أن تحدث على شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والفعّاليّات ومجلّة خدمات الخرّيجين، من المهم فيها التّأكّد من عدم وجود فرصة ضائعة للاتّصال.
– الثّقافة المؤسّساتيّة، في أن تكون صادقاً مع مهمّة وثقافة المنظّمة، وأن تمضي قدماً بمحاذاة تلك الرّوح.
النّاطق:
يجب أن يتسلّح أولئك الذين على الخطوط الأماميّة لاستقبال ونقل الرّسائل، سواء كانوا رسميّين أو غير رسميّين بالرّسائل الصّحيحة والمستوى المناسب من التفاصيل.
فعادةً ما تكون أفضل الممارسات قبل وقوع الأزمة في وجود ناطق رسمي يمتلك القدرة على التحدّث أمام الجّمهور. لديّ أراء قويّة حول استخدام شخص علاقات عامّة خارجي يقوم بدور النّاطق– وأعتقد أنّه يضرّ أهداف الشّفافيّة والأصالة ويُظهر المؤسّسة وكأنّها بلا ملكيّة.
يمكن للنّاطق أن يكون الرّئيس والمستشار ورئيس المدرسة أو أيّ مسؤول آخر كمستشار قانوني أو فريق اتصالات داخليّة، وذلك بناءً على مدى خطورة المسألة. إنّه في بعض الأحيان مزيج من أناس تلعب أدواراً مختلفة، بما فيهم:
– مؤلفو الرّسائل المجتمعيّة والمدوّنات.
– المتحدّثون في الاجتماعات الجّماهيريّة.
– التّواصل الفردي مثل المكالمات الهاتفيّة أو رسائل البريد الإلكتروني الموجّهة لأصحاب الشّأن.
– النّاطق باسم وسائل الإعلام، وسيكون ضمن هذا الدّور إمّا على الهواء مباشرةً أو شخصيّاً أو يتم الاتصال به هاتفيّاً أو عبر البريد الالكتروني.
المضيّ قدما:
تواجه المدارس المستقلّة ومؤسّسات التّعليم العالي القضايا الحسّاسة والأزمات بشكل دوري. كما توفّر التّقييمات الفعّالة واتّخاذ القرارات والاتصالات إطاراً للمساعدة في معالجة القضايا الإستراتيجيّة وتقليل المخاطر التّنظيميّة. بالإضافة إلى الدّور الرّئيسي الّذي يلعبه القائمون على الاتصال في أن يكونوا مشاركين نشطين منذ البداية لمساعدة المؤسّسات على الاستجابة بسرعة وشفافيّة، والأهم من ذلك، الاستجابة بثقة لجميع القياديّين ذوي الشّأن.
ترجمة: غيدا سعيد
تحذير واجب:
لا يجوز نشر من هذا المقال أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع أو نقله على أي نحو، أو بأي طريقة كانت (إلكترونية أو ميكانيكية) أو خلاف ذلك،دون ذكر المصدر بشكل واضح ودقيق. تحت طائلة المسائلة القانونية.
يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام :
info@ipra-ar.org
info@sia-sy.net
