
السلاح السري لبناء الثقة : مسؤولو التواصل
تقدم لنا أوروبا الوسطى والشرقية أمثلة ملهمة عن كيف أنه يمكن “لمسؤولي التواصل “الموهوبين النظر إلى ما وراء المصالح الضيقة في الشركات الكبيرة والحكومات والمنظمات غير الحكومية لبناء الثقة.
بقلم إستر سزابو.
ينتشر في دول العالم المتحضر ثقافة الحلول السريعة والوعود المرتجلة والمجمعات الخدمية ذات النافذة الواحدة للأعمال السريعة. هل يخلق هذا ثقة في السياسات والأسواق والقادة ؟ لا أعتقد ذلك. ولكن هناك طريقة أخرى، ويمكن أن ينظر المرء لأوروبا الوسطى والشرقية ليجدها.
في كل من أوروبا الوسطى والشرقية، بالنسبة لمهنتي أنا في الاتصالات الاستراتيجية والشؤون العامة بالكاد يصل تاريخهما إلى 25 عاما. و قبل ذلك، لم تكن هذه الوظيفة موجودة. ولماذا سيحصل ذلك ؟ إن الوظيفة التي تربط المؤسسات مع مساهميها مهنيا مطلوبة في ديمقراطيات واقتصادات السوق الحرة فقط. في حين أن ما قد نحتاجه في منطقتنا هو تراكم الخبرات، وما نملكه حقيقة هو الإبداع.
إن ما تحتاجه هو ذلك الإبداع الذي يعيش بعيدا عن مراكز القوة العالمية، حيث تكون الموارد شحيحة، وبالتالي، يكون لذلك تأثير على الفرد من حيث حتمية استخدامه للمدخرات التي يملكها فقط بوفرة، وإيجاد طرق أخرى لخلق روابط جديدة، وذلك بغية تحقيق ما لا يمكن تخيله. وبالعودة إلى حيث بدأنا، نجد سؤال المليون دولار: “كيف نبني الثقة؟ ” أو في حالات عديدة، كيف نعيد بناءها؟
بالتأكيد، سؤال واسع النطاق، ولكنه ذو إجابة بسيطة بشكل مثير للدهشة: نحتاج إلى مديرين تنفيذيين لديهم بصيرة وتفكير طويل الأمد وإلى أعضاء الحكومة المدعومين من قبل أشخاص الاتصال الاستراتيجيين. إن الوصول إلى هناك عملية طويلة، لكنها تستحق الجهد المبذول لها، فمستقبلك كقائد ومستقبل مؤسستك يعتمد عليها.
اسمحوا لي بعرض أفضل ثلاث ممارسات لبناء الثقة، والتي تم تطويرها في مبادرات أوروبا الوسطى والشرقية التي شاركت فيها. تعتمد هذه الممارسات على خبرة العمل مع الوزراء، بالإضافة إلى رؤساء الوزراء، غرف التجارة الأميركية، والمديرين التنفيذيين في أوروبا والعالم. كقائد للتواصل في القطاعات العامة والدولية، خلال الربع الأخير من القرن، تقول نظريتي أنه يمكن لأشخاص التواصل الموهوبين في الشركات الكبرى والحكومات والمنظمات غير الحكومية أن يلعبوا دورا هاما يتجاوز المصلحة المباشرة للأطراف المذكورة أعلاه. هذه هي قائمتي المرجعية عن بناء الثقة للمديرين التنفيذيين.
1 . الثقة : “اترك أسلحتك وأشرطة التسجيل في غرفة الودائع”
يجب أن يكون للمؤسسة منتدى يتمكن المشككون من خلاله من ملامسة الواقع. وإلا، فإنك ستمني نفسك وتطمئنها بأمل مزيف، وهو أن الناس سوف يصدقون ماذا تقول أو يدعمون ما تقوم به مؤسستك.
في فترة ما بين الحربين العالميتين، كان رئيس شرطة بودابست (هنغاريا) يستقبل الناس في مقهى قريب، مرة واحدة في الأسبوع، أولئك الذين أرادوا مناقشة الأمور معه. أخبرني هذه القصة المراسل الجنائي في مقر الشرطة الهنغارية في أوائل شهر حزيران عام 1990، عندما أمضيت أسبوعي الأول كمديرة معينة حديثاً في القسم الصحفي في وزارة الداخلية.
واجهت الوزارة والشرطة مشاكل خطيرة في الشرعية في ذلك الوقت، حيث كنا قد أجرينا مؤخرا أول انتخابات حرة، وكانت الشرطة قبل هذه الانتخابات تعتبر بمثابة الذراع للنظام الشيوعي. كان هناك حاجة لإثبات، ومن ثم صياغة ودعم، الفوائد التي يمكن أن تجلبها المؤسسة للمجتمع في نظامنا الديمقراطي الذي يتطور بشكل سريع. كان الجزء الأول وظيفتي، والجزء الثاني متعلق برئيسي في العمل، الوزير. لذا، نظمنا، قبل موسم العطلة الصيفية، ’مقهى الصحافة’ التابع لوزارة الداخلية (كان لديها 70000 موظف يتراوحون بين الشرطة الوطنية بالبلديات والحرس الوطني للحدود). وقد فوجئنا، بحضور أكثر من 150 صحفيا.
“اترك أسلحتك وأشرطة التسجيل في غرفة الودائع.” طبعت هذه الجملة على بطاقات الدعوة كتعبير يظهر الجو العام وقواعد الأمسية. وقد رفع النقاب عن الفترة الاشتراكية المخيفة لوزارة الداخلية، وللمرة الأولى، وبشكل غير متوقع بالنسبة للأغلبية. كان من السهل، الوصول إلى القادة، ومن بينهم الوزير، لساعتين من الوقت، بالنسبة لأولئك المجتمعين.
علق أحد الصحفيين، “إذا سمح لك بالتكلم معهم، فلن يكون ضروريا أن تكتب أشياء سيئة عنهم من الآن وصاعدا.” استمرت الأمسيات غير الرسمية والموضوعية على نحو نظامي لمدة خمس سنوات، وغيروا بشكل أساسي كلا من التصور الخارجي، والعملية الداخلية للوزارة.
2. البناء: “من بإمكانه تدريب المواهب لإيجاد التطور الإقليمي الذي يتحدث عنه الاتحاد الأوروبي بكثرة ؟”
يمكن أن تعجل المبادرات الخيرية للمؤسسة تطور الأقاليم. وبدون هذا سيتساءل الناس عن الفوائد التي تجلبها الشركات للمجتمع.
في عام 2001، أخبرتني دكتورة في الطب، تحمل الجنسية الأميركية وتعمل في منظمة غير ربحية رائدة مقرها الولايات المتحدة، بأن المؤسسة العالمية جنرال إلكتريك قد وسعت برنامج المنح في جامعتها الخيرية وصولا الى هنغاريا. في حينها كنت أعمل في شركة اتصالات في هنغاريا. حتى تلك اللحظة كانت تفتقر جنرال إلكتريك إلى الأموال اللازمة لتطلق مبادرة توطين الشركات التعليمية، والتي سيكون لها تأثير كبير.
لقد كنت أنا ومدير الموارد البشرية الأوروبي سعداء جدا ومقتنعين عند سماعنا هذه الأخبار. وقررنا أنه بإمكاننا أيضا إضافة شيء مميز خاص إلى البرنامج المجهز مسبقا، شيء سيكون فريداً من نوعه في هذه المنطقة: الوصول إلى طريقة عالمية في التفكير والقدرة على بناء الشبكات، يمكنك أن تتعلم من كليهما ما لا يمكن أن تتعلمه من الآباء الذين نشأوا في النظام القديم.
إنها تجربة مغيرة للحياة بالنسبة للقادة الباحثين في مؤسسة جنرال إلكتريك العالمية، والتي تغير حقيقة موقفهم وتزرع فيهم الشعور بالإصرار. وخلال 13 عاما، استفاد ما مجموعه 514 طالباً هنغاريا وبولنديا وتشيكيا ورومانيا من برنامج المنح الإقليمية. فهم يتعرفون ويرتبطون بعلاقات خلال ورشات صيفية منظمة من قبل معهد التعليم الدولي .
وقد أطلق العديد منهم للتو مشاريعهم الخاصة، والتي تتعاون في بعض الأحيان مع آخرين من البرنامج لأجل ميزة تنافسية، حيث تعمل شركاتهم الجديدة الربحية وغير الربحية في الأسواق المتعددة، لتلبية الاحتياجات العالمية. بإمكانك قراءة بعض من القصص الملهمة المغيرة للحياة على geforcee.geblogs.com.
3 . الإقناع : “متصل وغير متصل “
هل يملك المدير التنفيذي لمؤسسة ما بصمة رقمية احترافية ؟
في عام 1996، وخلال عامي الأول في الشركة، استغرق مساعد المدير التنفيذي الوطني يومين في تنظيم اجتماع لقادة البلاد. أما في وقتنا الحاضر يستغرق ذلك مجرد دقيقتين. مؤخرا، معاً وبمشاركة ستة من غرف التجارة الأوروبية في أميركا، ندير اثنتين من مناقشات المعنيين المتعددين الحصرية عن الابتكار – أحدها في بولندا والآخر في رومانيا. وقد ساهمت جنرال إلكتريك في إعادة تموضع أوروبا الوسطى والشرقية كمحور ابتكار بارز. وشارك المدير التنفيذي العالمي لشركة جنرال إلكتريك في الجلستين.
لفد فوجئت لرؤية كيف أصبحت عملية التنظيم سهلة وسريعة. قمنا بتحميل السير الذاتية من موقع لينكدين واستخدمنا تويتر للحصول على معلومات حول الأماكن التي زارها الأفراد والأفكار التي شاركوها. وفي يومنا هذا، نحن أيضا نشاهد مقاطع الفيديو على اليوتيوب لرؤية تفاعلاتهم، ونبحث بواسطة غوغل لإيجاد معلومات أكثر عن أنشطتهم – تلك المعلومات الغير مدرجة في قاعدة بيانات الشركة.
في وقتنا الحاضر، لا يدرك المديرون التنفيذيون أهمية التعليقات والبيانات “الرقمية” حول مهنتهم وخبرتهم. فحتما، سوف يعتبر من هم بدون بصمة رقمية، إما “قديمو الطراز” أو أنه لدى أحدهم “شيئاً يخفيه”.
تحضير القادة لهذا التحدي هي مهمة مسؤول التواصل، ولكن ليس من مهمته إيجاد وإدارة الحضور الشخصي الرقمي للقائد. يحتاج بعض قادة الأعمال الهنغاريين المحليين لبعض الوقت إلى أن يصبحوا واعيين رقمياً- هم بحاجة لدعم وإرشاد معتدل “لاكتشاف” هذا العهد الجديد.
إن الأعمال التي تُضغَط بسبب الحاجة إلى تحسين الكفاءة، والقطاع العام الذي يعمل تحت الضغط للمحافظة على الشرعية، تطلب وبشكل متزايد متطلبات متنوعة أكثر من التواصل. فهم يقولون: “افعل القليل مع الكثير”. “أعطها قليلاً من التواصل الإيجابي ” راوغ . “فرقها!”.
يبدو أنه ليس هناك نهاية للأمنيات المستحيلة.
لكن، يجب أن ألا يتخلى قادة الاتصالات الاستراتيجية عن المصداقية، والبناء والإقناع، حتى تحت الضغط الكبير. لماذا؟ لأنه من الممكن ان يستغرق بناء الوعي العام والثقة في المؤسسة، أو العلامة التجارية للمدير التنفيذي، سنوات من العمل المتواصل، ولكن يستغرق ثواني معدودة ليتم تدميره.
يواجه العالم المتحضر الآن أزمة. يبين بول بأن الناس قد فقدوا الثقة بالمؤسسات. وفي عملية التواصل، يجب علينا التعامل مع هذا كفرصة. يجب أن نراه مع أمل بأنه يمكننا العمل كقوة إبداعية لربط الناس والمؤسسات، مع القطاعات مضيفين بعداً إقليميا على المقياس بطريقة إيجابية.
حاول ذلك فقط! خلال 25 عاما، لقد اختبرت، إنجازات مذهلة، هنا، في أوروبا الوسطى والشرقية.
تفاصيل المؤلف
تقود إستر سزابو التواصل الاستراتيجي والشؤون العامة في أوروبا الوسطى والشرقية، ومن بينهم 21 دولة من ليتوانيا إلى قبرص. وتقود نقاشات عن كيف يمكن لجنرال إلكتريك والمنطقة النمو معا كأنهم شركاء. وهي المسؤولة عن إشراك المعنيين ومن بينهم الأوساط الأكاديمية، وقطاعات المؤسسات غير الحكومية، والمستهلك والزبون، والحكومة، وذلك من أجل تعزيز العلامة التجارية الخاصة بجنرال إلكتريك وسمعتها. وتشرف إستر على استثمارات مواطنة الشركات التابعة للشركة في المنطقة حيث توظف جنرال إلكتريك 27000 شخص.
أهداها رئيس التحرير الأوروبي سيلفر سيبر موقع geforcee.geblogs.com blog، لديها 25 عاما من الخبرة في الإدارة العليا لاتصالات الشركات والشؤون العامة في القطاعين العام والخاص على حد سواء. شغلت منصب رئيس قسم التواصل والعلاقات العامة في وزارة الداخلية في هنغاريا لمدة خمس سنوات قبل انضمامها إلى جنرال إلكتريك، في حين أنها كانت أيضا مستشارة رئيس الوزراء في عام 1994 .
حصلت إستر على درجتي ماجستير في الاقتصاد والاتصالات (جامعة الاقتصاد كارل ماكس عام 1988، كلية التجارة الخارجية عام 1994 ). وفي عام 1955، كانت من كبار المتدربين في سوزان ديفيز الدولية كزميل بيو للحرية الاقتصادية في جامعة جورج تاون في العاصمة واشنطن.
ومنذ عام 2000 قد شاركت في مبادرة تكافؤ الفرص التابعة لجنرال إلكتريك، شبكة المرأة في جنرال إلكتريك، وفي الوقت الراهن هي الرئيس المشارك للمؤسسة في شرق ووسط المنطقة مع 1800 عضو.
في عام 2010، تم الاعتراف بها كأستاذة فخرية من قبل كلية بودابست لإدارة الأعمال. وفي عام 2011 استلمت جائزة التميز الأوروبية لمعهد التعليم الدولي ، وهي أول جائزة أوروبية للاعتراف بالإنجاز المميز في مجال التعليم الدولي. وفي عام 2012 كاعتراف بمساهمتها الكبيرة في تنظيم احتفالات رونالد ريغان المئوية في أوروبا الوسطى والشرقية وبجهودها البارزة في تعزيز التدريب والتعليم، استلمت ميدالية صليب الفارس لوسام الاستحقاق الهنغاري.
ملاحظة : نشرت نسخة هنغارية من هذا المقال في مجلة المدير في تموز عام 2015.
إعادة توجيه الرسائل، المنشورات والتعليقات:
نحن حريصون على أن تكون مقالات جمعية العلاقات العامة الدولية لقيادة الفكر محفزة للنقاش. مع أخذ هذا الهدف بعين الاعتبار، نحن أيضاً نشجع القراء ليشاركوا ويساعدوا في هذه النقاشات.
من فضلك أرسل روابط المقالة لأسماء زملائك الموجودة لديك في قائمة الاتصال، انشرها على المدونات، والمواقع، ومواقع التواصل الاجتماعي، وأهم من ذلك تفضل بإعطائنا رأيك عبر المنتديات، مثل مجموعة لينكدين لجمعية العلاقات العامة الدولية. تنشر مقالة جديدة لمعهد التعليم والتعلم على موقع جمعية العلاقات العامة الدولية كل أسبوع. يجب أن يرسل المساهمون المحتملون، لمقالة جمعية العلاقات العامة الدولية، ملخص قصير لرئيس تحرير جمعية العلاقات العامة الدولية روب غري على الايميل thoughtleadershipcontent@gmail. com
حذير واجب : لا يجوز نشر من هذا المقال أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع أو نقله على أي نحو، أو بأي طريقة كانت (إلكترونية أو ميكانيكية) أو خلاف ذلك،دون الحصول على إذن مسبق ومن ثم ذكر المصدر بشكل واضح ودقيق. تحت طائلة المسائلة القانونية.
يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام : info@ipra-ar.org