
القياس: النقطة العمياء في مهنة العلاقات العامة
لم تتمكن العلاقات العامة بعد من تطبيق القياس والتقييم بشكل صحيح، على الرغم أنهما من أكثر التحديات العاجلة التي تواجه المهنة.
جون ماكين
لدى مهنة العلاقات العامة نقطة عمياء وتعتبر إحدى النقاط الخطيرة التي لن تجعل ميزانيات العلاقات العامة أصغر وحسب، بل ستنزع القيم التي نعمل ونساهم بها، هذه النقطة ليست جديدة بل كانت موجودة منذ بداية مهنة العلاقات العامة أي تقريباً منذ 30 سنة وربما أكثر.
إنها القياس، ولأسباب ما قد فشلت مهنة العلاقات العامة بالوصول للتقييم والقياس وهو أمر محير فلطالما كنا جيدين بالتكيف مع التغييرات في عدة نواحي.
عندما بدأت عملي في الوكالة كانت العلاقات الإعلامية هي بداية ونهاية كل ما يخص العلاقات العامة، لكن في السنوات اللاحقة حصل توسع كبير في الأدوات التي يستخدمها ممارسو المهنة وذلك مع صعود وسائل التواصل الاجتماعي وحاجتنا لإنتاج محتوى متعدد الوسائط.
وبشكل عام فقد تكيفنا جيداً مع كل تحد طارئ تنتجه التكنولوجيا أو المجتمع لكن القياس والتقييم هما التحديان الأكثر إلحاحاً على المهنة.
فلنفكر بالقضية: إذا لم نتمكن من إثبات قيمة العلاقات العامة، أو قيمة ما نفعل إذن لن يتم تقديرنا، لن تزداد ميزانياتنا وستبقى العلاقات العامة دائماً الرابط الضعيف أثناء الخلط مع التسويق، لكن لماذا حدث كل هذا؟ سقطت مهنتنا قليلاً في هذه الناحية الهامة مع بعض الاستثناءات والأسباب بالمئات وهذه أهم خمسة منها:
التاريخ: العديد من العملاء المرابطين والمحفزين والنماذج القديمة مثل القيم الإعلانية المقابلة ولن نكرر الأسباب حول عدم منطقية القيم الإعلانية المقابلة (AVEs) وبدأت بذلك الجمعية الدولية لتقييم وقياس الاتصال (AMEC) عبر حملتها (لا للقيم الإعلانية المقابلة) منذ عدة سنوات، لكن هنالك ممارسات قديمة مازالت متبعة على الرغم من عدم اعتمادها.
الخزائن: إن البيانات التي نحتاجها للقياس بشكل فعال عادة توجد في الخزائن وهي جزء من منظمة العميل أي خارج مجال عمل العلاقات العامة، والوصول لهذه البيانات هو تحدي يومي لعملائنا، الذين يتركون منظماتهم وبالتالي تبقى البيانات في خزائنها.
المهارات: ممارسو العلاقات العامة بشكل عام ليسوا محللي بيانات، لذا هنالك عامل خوف فنحن غالباً نعتمد على الصور والكلمات وليس الأرقام أي إبداعيون لا تحليليون، وبالتالي التعامل مع الأرقام يخيفنا ونحن نقوم بتوظيفه في صورتنا لذلك هو أمر مستمر.
التشويش: هنالك الكثير من اللغط والالتباس حول المصطلحات ويوجد عدم وضوح للخطوط الفاصلة بين القياس والتقييم والإبلاغ وهذه أشياء مختلفة عن بعضها لكن يتم وضعها سوية واستخدامها بالتبادل.
إذا تحدثت مع العاملين في مهنة العلاقات العامة ستجد أرضية معرفية مشتركة حول ما نقوم به في حالة القياس والتقييم وهو دون المستوى المطلوب لهذا كل العقبات تجعل ضرورة التغيير صعبة التحقيق.
الفوائد المحتملة التي سنجنيها من تطبيق القياس والتقويم بشكل جيد هي حملات تأثيرها أكبر، ميزانيات ومصادر أكبر وجوائز (إن كان يهمك الأمر) إضافة للمصداقية والمجد والاعتراف وتقدير متزايد لمبادئ مهنة العلاقات العامة.
أعتقد أن هنالك ثلاثة أشياء هامة تساعدنا في تجاوز العقبات التي تعيق المهنة كما تعزز حصولنا على العوائد الإيجابية وهي:
- أوقف ما تفعله، إذن كنت متمسكاً بممارسات قديمة لأسباب تاريخية أو غيرها فتوقف حالاً لنعيد دراسة الأمر، حان الوقت لنقول هذا ما تعودنا على فعله لكن الأن سنتصرف بشكل مختلف وأفضل، وهذا الأمر ليس سهلاً لكنها خطوة أساسية.
- تعلم من الأخرين: أؤمن بقوة أنه على الرغم من الميول التنافسية لموظفي الوكالة لكن عندما يتعلق الأمر بالتقييم والقياس هنالك ما يوحدنا أكثر مما يفرقنا لذا يجب أن نناقش التحديات المشتركة ونتعلم من بعضنا، وربما يوجد لدى بعض الوكالات “وصفة السرية” يريدون حمايتها ولكن معظم التحديات التي نواجها هي تحديات مشتركة ومعروفة.
لكن كيف نقنع العملاء بالاستثمار في القياس والتقييم؟ كيف يمكننا إحداث تغيير في الثقافة داخل الوكالة، لبناء قيمة وأهمية للقياس والتقييم المتين؟ كيف نحقق قياس فعّال للعملاء في ظل ميزانيات متقلبة؟ وهذا هو الأساس لمبادرة “الأرضية المشتركة” التي أطلقتها AMEC في قمة براغ مؤخراً والتي تسعى لتشجيع الحوار بين الوكالات وتبادل الخبرات والمعارف في بيئة غير تنافسية، وتعتبر AMEC نقطة انطلاق رائعة لمن يبحث عن أفضل الممارسات، ولا يخفى على أحد أن المنهجية التي نتبعها كقاعدة مع عملائنا هي رؤيتنا ل إطار التقييم المتكامل ل AMEC ووكالة Grayling.
- اعترف أنها رحلة: بالنسبة للذين يستخدمون الممارسات القديمة
ويرغبون في تجاوز مقاييس المخرجات البسيطة، عليهم المضي في رحلة البحث والتعلم واعتماد الأساليب الجديدة والفعالة.
المؤلف
جون ماكين رئيس الدولي للخدمات الاستراتيجية غارلينج ورئيس مجموعة وكالات AMEC
البريد الإلكتروني
jon.meakin@grayling.com
موقع الكتروني
www.grayling.com
ترجمة : نجلاء علي