“تحتل مسألة قياس المنفعة في مهنة العلاقات العامة حيزاً كبيراً من اهتمام مزاوليها، حتى باتت تشكل اليوم حجر الأساس في تقييم مدى فاعلية التواصل.” بقلم توم واتسون.
 عندما طُلب مني كتابة مقالة عن تقييم العلاقات العامة فضلت تناول الموضوع من زاوية عملية لكثرة ما تم تداوله على ألسنة المنظِّرين، إذ لم يزل إشارة استفهام كبيرة في مهنة العلاقات العامة.
لقد بدأت بحثي الذي يتناول قياس المنفعة وتقييم نشاطات العلاقات العامة في أوائل التسعينات، ورحت أبحث بالدرجة الأولى عن إجابات للأسئلة التي تهدف إلى تفسير الكيفيات، مثل “كيف تحكم على الفاعلية في مواضع مختلفة من التواصل؟” و “كيف تميز بين الأدوات والنتائج؟” و “كيف تحصل على البيانات وتحللها؟”، ثم سألت نفسي: لم لا يتفق مزاولو العلاقات العامة على وضع أهداف قابلة للقياس ثم يقـيِّـمون الأدوات والنتائج بناء عليها فتصبح بذلك عملية اعتيادية؟ بدت لي تلك الفكرة معقولة ومهنية إذ باتت لدينا إجابات عن كثير من أسئلة الكيفيات. في تلك الفترة وتحديداً في العام 1994 نشرت الجمعية الدولية للعلاقات العامة (إيبرا) مقالتها بعنوان (الورقة الذهبية رقم 11: تقييم العلاقات العامة والمسؤولية المهنية) وقبلها في عام 1990 نشر «جلين بروم» و «ديفيد دوزير» كتابهما الشهير بعنوان (استخدام البحث في العلاقات العامة) الذي تناول دراسة عدد من الحالات العملية، ثم بدأت تظهر الحملات التي روجت لتقييم العلاقات العامة. لكن ومع ذلك ظل تقييم العلاقات العامة على رأس المسائل التي أقلقت مزاوليها وأكثر الواضيع بحثاً، ما دفعني و زميلي «باول نوبل» إلى تأليف كتاب (تقييم العلاقات العامة). إذاً ماذا كانت النتيجة؟ أثبتت لي دراساتي المطولة أن طرق قياس فاعلية العلاقات العامة موجودة منذ وقت طويل، فمنذ بداية القرن العشرين حين بدأ مصطلح “العلاقات العامة” بالانتشار تعبيراً عن نشاطات التواصل تم تحديد أساليب لقياسها.
بعض الطرق التي استُخدمت في العقد الأول من القرن الماضي قد تكون مألوفة لمزاولي العلاقات العامة في أيامنا هذه، ومنها طريقة “مسجل التغييرات” أو “الباروميتير” التي استخدمها مكتب الدعاية في بوسطن وهو أول وكالات الإعلان في الولايات المتحدة، وتعتمد هذه الطريقة على فهرسة ورقية لآراء المحررين واستخدام وسائل الإعلام للمواد الدعائية، ما مكن الوكالة من الحكم على “جودة” أو “سوء” المنشور من وجهة نظر عملائه. وبحلول أواخر الثلاثينات كان آرثر بيج يستخدم استبيانات الرأي على نحو واسع في شركة الهاتف والتلغراف الأمريكية (AT&T) وكان التحليل الإعلامي كالتكرار والوصول والتفضيل أمراً مألوفاً في الولايات المتحدة خاصة فيما يتعلق بالتواصل الحكومي. ومع الوقت بدأت وكالات الإعلام والمراسلون يستخدمون مقياس “معادل قيمة الإعلان” الذي يبين إمكانية إيصال الرسائل بتكلفة أقل من كلفة الإعلان. يمكنني ذكر أمثلة أكثر من تاريخ العلاقات العامة العملية وخبرتي الشخصية، لكن دعونا ننتقل للنظر في كيفية تشجيع مزاولي العلاقات العامة على اعتماد أساليب القياس والتقييم التي يعتبرها الجميع ضرورة لمزاولة العلاقات العامة.
قبل سنتين أعطتني إحدى طالباتي كوباً مصمماً خصيصاً لي يحمل عبارة “حافظ على هدوئك و .. KEEP CALM and” التي انتشرت في المملكة المتحدة، وقد اختارت إضافة عبارة “.. وقـيِّـم” بعدها. عندها فكرتُ أنها ربما عثرَتْ على الوصفة السحرية لقياس منفعة العلاقات العامة وتقييمها، وهي: لا تتعجل أثناء مزاولة العلاقات العامة، بل تمهل وجهز حملتك أو برنامجك من خلال البحث المعمق والتخطيط المناسب مع تحديد أهداف قابلة للقياس، ثم قيم سير العمل وفقاً لذلك. هذه الأساليب والخبرات تحولك من مزاول عادي إلى مدير قادر على التخطيط وتساعدك أنت والعميل أو رب العمل لتحصيل أفضل قيمة ممكنة.
من المهم أخذ مسألة القيمة بعين الاعتبار منذ بداية التخطيط لحملتك أو برنامجك لأن التغطية أو الضجة الإعلامية وحدهما لا تعودان بالقيمة، إنما هي الإضافة الحقيقية لعمل المؤسسة ونموها سواء كانت مرتبطة بأهدافها الاقصادية أو التي تعنى بتحسين السمعة. وقد تم التوصل إلى عدد من طرائق التقييم المتطورة مؤخراً خاصة في مجال عمليات العلاقات العامة المؤسساتية ومستشاريها، كالتحكم بالتواصل أو ما يسمى إدارة أداء التواصل وهي طريقة تم تطويرها في أوربا من قبل هيئة (دي بي آر جي) الألمانية. يمكن من خلال هذه الطريقة مراقبة النشاط على عدة مستويات ابتداء من المدخلات مروراً بالأدوات ووصولاً إلى النتائج، وقد تم تطويرها بالتعاون بين مزاولي العلاقات العامة ومدراء أكاديميين متخصصين بالأداء المالي، ما جعلها تلقى قبولاً واسعاً بين كبريات الشركات الألمانية. ومن محاسن هذه الطريقة أنها تضع مدير العلاقات العامة في رأس قائمة الإدارة وعلى سوية واحدة مع مديرَي الشؤون المالية والعمليات.
 مع الوقت ستصل هذه الطرق إلى المؤسسات الصغيرة على تنوع نشاطاتها وسيتم تطبيقها مع ميزانيات أصغر وفي حملات قصيرة الأمد لكنها ستحتاج قدراً من الدراسة والتمعن لتحديد الأهداف القابلة للقياس ولتحقيق قياس المنفعة الصحيح والموثوق. إذاً يمتلك مزاولو العلاقات العامة طرقاً ناجحة من شأنها زيادة فاعلية الحملات وما عليهم سوى تطبيق هذه الطرق. لذا وكما قالت العبارة المطبوعة على
كوب طالبتي “حافظ على هدوئك وقـيِّـم!”
تحذير واجب .

لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية.

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام :

info@ipra-ar.org

 info@sia-sy.net