بيتر سباروي، نائب رئيس التواصل المؤسسي وتجربة المطار في “مطار هاليفاكس ستانفيلد الدولي”.

كان أرنولد بالمر رياضياً عظيماً داخل وخارج ملعب الغولف. إن الطريقة التي تواصل بها مع الناس مثالٌ يحتذى به لكل من يعمل في مجال التواصل.

الحقيقة الراسخة في مهنتنا هي أنه كي تتواصل بطريقةٍ فعّالة مع جمهورك المستهدف، لابدّ وأن “تعرف جمهورك”. علينا أن نفهم احتياجاتهم، وتطلعاتهم، وأعمارهم، وأجناسهم، ووضعهم الاجتماعي والنفسي، وما إلى ذلك، بهدف التواصل معهم بشكلٍ أفضل والتأكد من أن رسائلنا مصممة على نحو فعال، من حيث الصياغة والوقت والطريقة الأنسب.

ما أريدك أن تأخذه بعين الاعتبار هو النتيجة الطبيعية لتلك الأمور البديهية.

دع جمهورك يتعرف عليك.

وسأستخدم أحد أبطال العالم في رياضة الغولف كمثالٍ على ذلك.

كتب الكثيرون عن حياته خلال العقود الستة الماضية، رغم أن ما أثار نبعاً من المشاعر الجياشة من المحبة كانت وفاته في سبتمبر (أيلول) 2016. وتجاوزت ردود الفعل العاطفية الرقة، والجغرافيا، والجندر. كما تجاوزت الرياضة لأن أرنولد كان أكثر من بطل رياضي، حيث اعتبر أعظم لاعب غولف في العالم.

رائد البلدة الصغيرة

لقد كان أرنولد رائداً، ورائد أعمال، ورمزاً إعلانياً، وقئدة طائرة، وبنّاءً، ومحسناً. كان شخصيةً محورية في ثورة قادها الوكيل الرياضي الأميركي مارك ماكورماك، والتي نتج عنها نقل رياضة الغولف للمشاهدين عبر التلفاز. ولم يكن هناك أفضل من أرنولد الوسيم والجذاب الذي أتى من لاتروب، بنسيلفانيا ليكون وجهاً لهذه الثورة.

طيلة حياته، أثناء تحليقه في طائرته الخاصة من دولةٍ إلى أخرى، أثر أرنولد في الملايين بسبب سلوكه المتواضع، والمألوف، والواضح. كان مرتاحاً وواثقاً في تعامله مع الملوك والعوام على حدٍ سواء–وكان محبوباً من قِبل الجميع.

وكتب جيري تارد في مجلة “غولف دايجست” بعد فترة وجيزة من وفاة أرنولد: “إن إرث بالمر أكثر شموخاً من جونز أو هوغان، لأنه سيتم تذكر طريقته في معاملة الناس، وليس فقط لروح سوشبوكلينغ التي يجلبها للعبة الغولف. دائاً كان يخصص الوقت للآخرين”.

وفي مسقط رأس أرنولد، لاتروب، هناك مستودع كبير يعد مركزاً للقاء آلاف أندية الغولف التي تعامل معها على مر السنين.

الاجتهاد في الرد

كما كان المستودع مكاناً لتخزين كل رسالة وصلته من معجبيه، ونسخ من ردوده عن كلٍ منها. وأنا أشهد بذلك شخصياً. كنت محظوظاً لدرجة أني التقيت أرنولد ودردشت معه وحصلت على توقيعه في بدايات سبعينات القرن الماضي. وكان خطه جميلاً، فالتوقيع الذي ترونه مرتبطاً بعلامته التجارية هو نسخة طبق الأصل على توقيعه الحقيقي. ولطالما شجّع اللاعبين اليافعين للتأني في التوقيع، وللنظر في أعين معجبيهم.

بعد حوالي 40 عاماً، كتبت إليه رسالةً أذكره فيها بلقائنا وما عناه لي. وبالتأكيد، بعد بضع أسابيع، وصلني ردٌ رائع منه موقع بخط يده المميّز. كانت فيه رجفة خفيفة لكنه كان توقيعه.

كانت حياة أرنولد بالمر عظيمة وغنية بالأحداث والأشخاص، فلم يكن فقط “الملك”، بل فعل كل شيء بصدق وعمق، وكانت علاقته بمعجبيه عميقة وأصيلة، وهم من أسميهم “جيش أرني العالمي”.

النظر في العينين بتركيز

عندما كان يلتقي الناس، كان ينظر في أعينهم، ويبتسم، ويعطيهم 100% من انتباهه.

علينا فقط أن نتذكر كيف تم وصف أرنولد بالمر طيلة حياته المهنية، والأخذ بعين الاعتبار المودة العميقة التي تمثلت في ردود فعل الكثيرين إثر وفاته.

كان محبوباً، وصادقاً، ومتواضعاً.

ومع الملهيات الكثيرة كل ثانية في يومنا هذا، للأسف نادراً ما يتمكّن أيّ منا من الحصول على كامل انتباه شخصٍ ما ونعيش اللحظة معه.

وللأسف أيضاً، وهو أمر يضر مهننا وأعمالنا، نادراً ما نعطي أحداً كامل انتباهنا.

وبصفتي من كبار الممارسين الذين استخدموا في الماضي آلات الفاكس، شهدت النقلة الخبيثة للتفاعل البشري خلال ثلاثين سنةً مضت. وصلت إلى درجة أننا بتنا نتفاجأ إذا أجاب أحدٌ هاتفه… ربما لأنهم متفاجؤون من أن أحداً يتصل بهم هذه الأيام.

فن المحادثات الضائع

إن الكثير من محادثاتنا هذه الأيام ليست كلامية ولا تتضمن لغة جسد، ما يعني أننا نفقد فنّ المحادثات، والانفتاح على الآخرين، وجذبهم عبر مشاركتهم التجارب والفرص.

عند التحدث مع العملاء والعملاء المحتملين، خذ التالي بعين الاعتبار: مع انخفاض التفاعل وجهاً لوجه بين البشر، ترتفع قيمته. وندرته تزيد قوته وقيمته.

ولتقديم خدمةٍ مثالية لعملائنا، ليس علينا أن نفهم أعمالهم فحسب، بل علينا فهمهم كأشخاص، ونفهم ما يحفّزهم وما يلهمهم. سيميلون لمشاركتنا أكثر كلما شاركناهم أكثر.

لذا، فلنأخذ بعين الاعتبار كيف نتفاعل مع “جيشنا”–زملائنا، وعملائنا، وعائلاتنا. هل نمنحهم كامل انتباهنا؟ أم أن عقولنا تسرح في ما كان بإمكاننا فعله بدل الحديث معهم؟ فلنلتزم بالتركيز على اللحظة الحالية، ونمنح الآخرين وقتنا واهتمامنا لنشعرهم بأهميتهم ونتعرف على ما يريدونه وما يحتاجونه، وكيف بإمكاننا أن نكون جزءاً من نجاحهم.

العرض والمشاركة

أعرض نقاط قوتك، بالتأكيد، لكن أيضاً شارك جمهورك التحديات التي واجهتها كي تبني الثقة بينك وبينهم، والتي تعد اللبنة الأساسية لأي علاقة عميقة ودائمة وفيها منفعة متبادلة. شاركهم الأفكار، والإلهام، والإحباط، والانتصارات–ما علمتنا إياه حياتنا من خلال عملنا وعائلاتنا والمجتمعات المتصلة بنا والتي تفيدنا.

فلنلتزم بمشاركة الآخرين، ولندعهم إلى مشاركتنا.

إذا تمكّنا من تحقيق هذا، سوف نبرز ونتميّز عن الجميع، وستكون خطوةً نحو الأمام لتحسين علاقاتنا بعائلاتنا، وزملائنا، وعملائنا.

تحذير واجب .

لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية.

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام :

info@ipra-ar.org

 info@sia-sy.net