
وأخيراً نحن نرى بعض التغير المستدام الكبير, هذه أخبار جيدة لكوكبنا، وأخبار جيدة للشركات الراغبة في تولي الريادة وأن تكون جزءاً من مستقبل أكثر استدامة، لأن ما نشهده هو صعود قيادة التغيير – لتصبح قيادة فكرية جديدة .
يا له من صيف حار فقد شهدت فرنسا أعلى درجات الحرارة في التاريخ المسجل في أواخر حزيران ، وانضمت الحكومة الفرنسية إلى 560 دولة في جميع أنحاء العالم ، من بينها المملكة المتحدة وإيرلندا ، ومدن مثل سيدني ومؤخراً نيويورك كما أن Big Apple أول مدينة في الولايات المتحدة أعلنت حالة الطوارئ المناخية .
خلال الأسبوع نفسه أعلنت المملكة المتحدة أنها تريد أن تصبح خالية تماماً من الكربون بحلول عام 2050 وتعتبر أول اقتصاد رئيسي في العالم يلتزم بهذا الهدف الطموح، وهناك مشروع قانون مماثل من قبل وزير البيئة الألماني يتم تداوله في برلين، في حين أن البلاد تناقش بشدة فرض ضريبة الكربون المحتملة وفي قمة مجموعة العشرين، اتفق قادة العالم على اتفاقية بشأن المناخ، ولكن لسوء الحظ بدون الولايات المتحدة .
حيث سبق هذا العمل على المستوى السياسي شهور وشهور من النقاش وصور مزعجة تُظهر النفايات البلاستيكية في البحار، والدببة القطبية الجائعة على بقع صغيرة من الجليد وموجة حارة تجتاح أوروبا.
صورة حزينة و معبرة :
في الآونة الأخيرة، أصبحت صورة الفقمات التي تسير على ما يبدو على المياه التي التقطها عالم في غرينلاند الصورة الجديدة المحزنة والمعبرة عن تغير المناخ، و إن المزيد والمزيد من الناس يفهمون : هذا حقيقي كما أن الإدراك يغير موقفهم.
فعلى سبيل المثال، قال ما يصل إلى 80% من الأشخاص في ألمانيا في أحد الاستطلاعات أنهم مستعدون لتقديم كل ما يلزم للمساعدة في حماية المناخ، بما في ذلك استخدام الطيران بدرجة أقل ،في الواقع في السويد، موطن غريتا ثونبرج، الفتاة الصغيرة التي بدأت حركة ” أيام الجمعة من أجل المستقبل “، هناك اتجاه جديد: ( Flygskam ) يصف العار الذي يشعر به الناس حول الطيران لأنهم يعلمون أنه أمر سيء بالنسبة للمناخ .
و في ألمانيا ، تم تسمية انتخابات الاتحاد الأوروبي الأخيرة بـ “انتخابات المناخ” حيث ساعدت قضية تغير المناخ حزب الخضر على الفوز بأعداد كبيرة غير مسبوقة من الأصوات، وخاصة بين الشباب إلى جانب ظهور ما يسمى بـ Zero Waste Lifestyle ( نمط الحياة بلا نفايات )، فتظهر متاجر خالية من العبوات البلاستيكية في ألمانيا وبلدان أخرى .
وهناك المزيد والمزيد من الناس يختبرون معجون الأسنان على شكل حبوب ، أو يأخذون مستوعباتهم الخاصة لشراء الجبن ، أو حتى ينتجون مزيل العرق الخاص بهم في المنزل , كما خرج الآلاف من الأطفال إلى الشوارع في أكثر من 1500 مدينة في 120 دولة، لإظهار عدم الرضى عن سياسات المناخ .
التأثير على الشركات :
هذا السلوك المتغير بدأت تشعر به الشركات في جميع أنحاء العالم ومن أمثلته : حظر الاتحاد الأوروبي على المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الوحيد، وحظر محركات الديزل في عدد متزايد من المدن في ألمانيا (الدولة التي ابتكرت الديزل!) ، والإعلان الأخير عن صندوق المعاشات النرويجية (أكبر صندوق حكومي في العالم) للانسحاب من استخدام الوقود الأحفوري .
و في بعض البلدان ، هناك شعور متزايد بأنه يجب على الشركات الدفع مقابل التقدم البطيء في مجالات مثل التوجه نحو أنواع الوقود البديلة. في الواقع، أصبحت الاستدامة مشكلة أساسية وخاصة بالنسبة للجيل الحالي و خلف الأبواب المغلقة، تعترف بعض الشركات متعددة الجنسيات بأنها لا تستطيع أن توكل العديد من المناصب للمرشحين المحتملين الذين يقولون إنهم غير مهتمين لأن الشركة في هذه الحالة تعتبرغير مسؤولة .
كما أنه في كثير من الأحيان ، تواجه الشركات صعوبة في مواكبة هذه التوقعات المتزايدة على سبيل المثال ، يُظهِر الجدال الدائر حول اللدائن أن النقاش في الصناعة متخلف بسنوات عن التوقعات المجتمعية، بينما تركز الصناعة غالباً على تحسين جوانب مثل إعادة التدوير يفضل عدد متزايد من أصحاب المهن بدائل أقل من البلاستيك و صديقة للبيئة أكثر , فلقد رأوا أين ينتهي البلاستيك: على الشواطئ في بلدان مثل ماليزيا وداخل الأسماك التي نأكلها ، وفي التربة التي نزرع فيها الطعام .
المريخ المسافر :
في الآونة الأخيرة ، أحدثت صورة للفائف MARS الورقية التي عثر عليها على شاطئ بريطاني ضجة على شبكة التواصل الاجتماعي وعثر على الرقائق وهي تبدو جيدة مثل الجديدة رغم أنها تعود لعام 1986 ،لماذا تفكر في إعادة التدوير إذا كان بإمكانك تجنب البلاستيك تماماً، فهذا هو منطق عدد متزايد من الناس وإن هذه الفجوة بين التوقعات والواقع أدت إلى حدوث بعض الصداع في قاعات مجالس إدارة الشركات وسوف تتطلب الكثير من التفسير والحوار في المستقبل .
و في الواقع ، تُظهر أحدث لقطة من تقرير FleishmanHillard Authentic Insights الخاص بنا أن البيئة لم تكن أبداً أكثر أهمية كما هي عليه الآن وأنه من المتوقع أن تتخذ الشركات موقفاً هذه أخبار جيدة للمراسلين ، حيث إنها تفتح نافذة لفرصة بناء السمعة ، مع النقاش الحالي الذي يوضح أن الشركات لديها الآن فرصة أكثر من أي وقت مضى لتتصرف بطريقة أكثر إيجابية وتكون من عناصر التغيير الحقيقي الذين يساهمون بنشاط في تحقيق استدامة أكثر للمستقبل حتى لو لم تكن تملك علامة تجارية كبيرة متعددة الجنسيات.
في الواقع، هذه هي الفرصة للعديد من الأبطال الخفيين ليحتلوا مركز الصدارة في قلوب وعقول جماهيرهم . نظراً لأن مجتمعنا يطلب بشكل متزايد تغييراًحقيقياً نحو مزيد من الاستدامة وتحولاً مستداماً، فإن المبدأ الذي يعمل على توجه مناقشات المناخ هو: العمل يشبه الكلام ، فقط بطريقة أفضل في مواجهة التحديات الحالية التي نواجهها في تحقيق هدف 2 درجة مئوية ( انخفاض ) أصبحت قيادة التغيير هي قيادة الفكر الجديدة.
الشركات أدركت :
لقد فهمت العديد من الشركات هذا التطور بالفعل، ففي الآونة الأخيرة ، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه لن يستخدم سوى البوليستر المعاد تدويره في منتجات المنسوجات بحلول عام 2020.
في ألمانيا في العام الماضي كانت سلاسل البقالة تتنافس فعلياً في الإعلان عن كيفية تقليل النفايات البلاستيكية وفي شهر أيار من هذا العام، أعلنت شركة الطاقة الألمانية العملاقة RWE (التي تعرضت لانتقادات هائلة في عام 2018 بسبب قطع الغابات لاستخراج الفحم) أنها ستتحول إلى إنتاج الطاقة الخضراء فقط.
و في أوائل حزيران، أطلقت الخطوط الجوية المتحدة ما سمته شركة النقل الأمريكية “أكثر الرحلات التجارية الصديقة للبيئة من نوعها في تاريخ الطيران”، وذلك باستخدام الوقود الحيوي والطعام المغلف بشمع العسل وأكواب القهوة القابلة لإعادة التدوير على متنها ومع ذلك، هناك المزيد من الفرص،لا سيما من خلال الجمع بين القوى وذلك من خلال تشكيل شراكات استراتيجية، من خلال المساهمة في النقاش السياسي، والمواءمة مع أهداف التنمية المستدامة ذات الصلة.
هنا ، نحن كنقاط اتصال لدينا قيم ودور مسؤول نلعبه فنحن الرابط بين المنظمة وعامة الناس و نحن الذين نتلقى أسئلة الصحفيين أو المواطنين أو المستثمرين.
كما أننا في أفضل وضع لفهم أصحاب المصلحة وآرائهم و يمكننا تقديم المشورة لصناع القرار الداخليين حول توقعات وآثار قراراتهم المتعلقة بالاستدامة , ونستطيع المساعدة في تعزيز الفهم المشترك لما ينبغي القيام به داخل المنظمة ورسم خطط عمل ، فعلى سبيل المثال ، نقوم بالتوضيح أن جهود شركتنا أو عملائنا ضد أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة قد أصبحت هي المبادئ التوجيهية للأعمال والسياسة , يمكننا المساعدة في بناء الشراكات اللازمة لحل مختلف القضايا وعلى الصعيد العالمي وبإمكاننا تعزيز التواصل بطريقة مفهومة مع تلك الشركات.
و في حين أن المسؤولية الاجتماعية للشركات كانت على وشك تجاوز نصوص القانون والتصرف بغير مسؤولية فيما تفعله الشركة، فإن الوضع يتطلب الآن من كل شخص من الشركات أن يأخذ الأمور على عاتقه حقاً للفوز وهذا يتطلب شجاعة ورغبة في المشاركة والاستماع والتحدث والاستعداد للحوار الحقيقي و بالتالي التغيير.
مع مطالبة المجتمع بمزيد من الإجراءات لحماية عالمنا، يصبح هذا الإجراء العملة الجديدة للثقة والسمعة وبالتالي تصبح قيادة التغيير هي الفكر الجديد للقيادة ونحن كنقاط اتصال، لدينا وظيفة للقيام بها.
المؤلف :
يتمتع دانييل سيلبرهورن بخبرة 15 عاماً تقريباً في تقديم المشورة للمنظمات الوطنية والدولية في إدارة سمعتها وعلاقاتها، وهو عضو في فريق الاتصالات المؤسسية في شركة FleishmanHillard Germany والمستشار الرئيسي المسؤول عن الاستدامة والتغيير المستدام، وهو أيضاً محاضر في الاتصالات العالمية بجامعة إرفورت بألمانيا ومحاضر ضيف في Escola Superior de Comunicacao Social في لشبونة.
عنوان البريد الالكتروني للمؤلف
daniel.silberhorn@fleishman.com
عنوان الموقع الالكتروني للمؤلف
https://fleishmanhillard.de/?lang=en