كي تجعل التسويق الاجتماعي مؤثراً: عليك بجذب جمهورك من خلال الوسائل الممكنة

إن لدى الناس درجات متفاوتة من الرغبة لقبول ما هو جديد. ولتعزيز وتشجيع المشاركة، يجب بناء التسويق الاجتماعي على نموذج من التواصل المؤثر والعميق

عليك أن تكون مستعداً. فمسألة بناء الحملات وتنفيذها لتشجيع وإعداد الناس كي يغيروا من أساليب حياتهم، أو معتقداتهم، أو قراراتهم لا تكون للجبناء. يتوجب عليك أن تكون مستعداً لبذل جهد استراتيجي عالي المستوى  ولعدة سنوات إن كنت حقاً ترغب في إدراك التغيير, وهي مسألة يعلمها معظم العاملين في مجال التواصل والعلاقات.

بالطبع، هناك العديد من الطرق التي من خلالها نحاول جذب اهتمام الجماهير. فحملات الإشهار التجارية، والرسائل والإعلانات المشوقة وحملات التوعية العامة ( الإعلامية ) ليست سوى عدد قليل مما يمكن ذكره.

وفي الحقيقة ومن خلال خبرتي الممتدة إلى أكثر من 20 عاماً ، لاحظت أن هناك تماسكاً في مكونات الحملات التي ساهمت و بنجاح في تحفيز وجذب الجماهير، بغض النظر عن ماهية الموضوع, حول توفير الطاقة، أو السلامة في أماكن العمل، أو عن الحياة الصحية. كما لاحظت مراراً وتكراراً أن الحملات الفعالة تستخدم مزيجاً بين اثنتين من النظريات للتغير في السلوك، بالإضافة إلى بحث قوي و أهداف قابلة للقياس. إنه المبدأ الذهبي الذي يرتب لك المشاركة الحقيقية.

دمج النظريتين:  إليك ما قد وجدتهُ مفيداً للقيام بالعمل, عليك بدمج  المبادئ الارشادية لكلتا النظريتين, نشر الابتكارات و التسويق الاجتماعي- ليشكلا معاً أساساً لخطتك الاستراتيجية. ثم تقوم بإضافة بحث استكشافي، وذلك لتفهم موقع الجمهور، وما يحتاجون إليه، وكيف يودون معرفة الشيء المتعلق به، محدثاً تواصلاً عميقاً ومؤثراً يغير التصورات، والمعتقدات، والسلوكيات بشكل هادف.

و في هذا المقال، أشارك بفكرة  كيف أن المزج بين النظرية و البحث يؤدي إلى نشوء التواصل المؤثر والعميق والذي بدوره يساهم في التأثير على الجماهير بشكل فعّال.

نموذج خلق أساسات التواصل العميق من أجل التأثير   

نظرية نشر الابتكارات: تفسر نظرية نشر الابتكارات كيفية وسبب ومدى سرعة قبول الأفراد أو انخراطهم بالأفكار والتكنولوجيا الجديدة. أشيع في كتاب نشر الابتكارات لـ ايفريت روجرز، أنه ناقش أن لدى الناس مستويات متفاوتة من الرغبة لقبول ما هو جديد. في الواقع، لقد اقترح أن الناس تصنف إلى أكثر أو أقل من 5 فئات: المبدعون، المتبنون الأوائل، الغالبية المبكرة ، الغالبية المتأخرة،  المتقاعسون).

فعلى سبيل المثال نحن نلاحظ أن هذه الفئات من الناس تظهر للعيان، عند إطلاق منتجات جديدة لشركة آبل. والبداية مع  المبتكرين و هم أولئك الأفراد الذي يشتركون في اختبار بيتا للمنتج الجديد، أو من ينتظرون على أبواب متجر آبل، ليكونوا، بذلك، أول من يشتري منتجاً جديداً فور صدوره في السوق الاستهلاكية. أما المتبنون الأوائل، فيشترون المنتج في عطلة الأسبوع الأول الذي يتم فيه إطلاق المنتج. وبالنسبة للغالبية المبكرة فهم يقومون بالشراء في أول بضعة أسابيع من اطلاق المنتج للبيع في السوق, و تشتري الغالبية المتأخرة من الأشخاص المنتج بعد أشهر أو سنة أو سنتين من إطلاقه. أما المتقاعسون، ففي الوقت الذي يشترون فيه المنتج أي بعد سنتين أو 3 سنوات لاحقة، يكون قد أُطلِق منتج آخر.

إن نفس المفهوم الذي يقول بأن لدى الناس مستويات مختلفة من القبول للفكرة أو المنتج، يطبق أيضاً على حملات تغيير السلوك، التي تحاول التأثير على الجماهير. وسواء كانت لتشجيع الأفراد للحفاظ على الطاقة’ أو الحصول على لقاح الإنفلونزا، نحن نعلم بأن لديهم مستويات مختلفة من الرغبة للتأثير على الجماهير وتغيير سلوكياتهم.

على سبيل المثال، لقد أجرينا العديد من الدراسات البحثية من أجل بحث تصورات الناس واستعدادهم لأخذ لقاح ضد الانفلونزا. ووجدنا أن لهذا الاستعداد ارتباطات عِرقية وخاصة بالأجيال.

عموماً،  تشير تلك النظرية إلى أن التأثير في الجماهير بغرض تغيير السلوك لديهم، قد يتطلب سنوات عديدة. و هكذا هي الحال بشكل عام عند العمل على هذا النوع من القضايا حيث أن خبرتي العملية كانت في هذا المضمار المتعلق بحملات تغير السلوك.

وتبدأ، عادة، الخطوة الأولى في تصميم حملتك بتحديد أين هم جماهيرك بالنسبة لتسلسلية النشر، وذلك لأن الرسائل والنهج العام ستعتمد تماماً على أين يكون تموضع  تلك الجماهير في هذا التسلسل.

وهنا يأتي دور البحث !

البحث الاستكشافي:  قد يكون لديك فكرة عن موقع جمهورك بالنسبة لتسلسل القبول أو التأثر بموضوعك، وفيما إذا كانوا  يقومون باتخاذ الاحتياطات المناسبة، من أجل العمل بشكل آمن بدء من مواقع البناء ووصولاً إلى عملية تناول الخضار والفواكه . أتمنى، شخصيا، أن تتحقق من فرضيتك مرتين من خلال إجراء بعض البحوث. فليس بمقدوري إحصاء عدد العملاء الذين فوجئوا بالفجوة بين ما اعتقدوا أنهم على علم به بما يخص جمهورهم، وبين ما ظهر من خلال البحث الذي أجري على جماهيرهم .

إن البحث الاستكشافي، سواء باستخدام البحث النوعي كمجموعات النقاش و/أو البحث الكمي من خلال الاستبيانات على الانترنت أو  الاستبيانات الميدانية للجمهور ، يعطينا تصورات عن موقع جمهورك, والأهم من ذلك ما الذي يحتاجه، أو ما يملكه، أو ما يؤمن به لكي يتقدم ضمن هذا التسلسل.  بعد ذلك، يشير البحث إلى الأمور التي يجب أن تقوم بتطويرها في حملات الرسائل والإشهار التجاري أنت وفريقك وذلك من أجل تلبية احتياجات جمهورك.

وأيضاً بالإضافة إلى ذلك، الحصول على تصورات عن مستوى رغبة الجماهير في القبول أو التأثر، حيث يسمح البحث الاستكشافي لك باكتساب فهم أعمق لمصادر التواصل المفضلة لدى جمهورك، وما الذي يعتبره جمهورك مصادر موثوقة للمعلومات. والتي تسمح لك، بدورها، أن تخطط وتنفذ ما أحب أن أدعوه بـ ” التواصل المؤثر”.

بهذه الطريقة سوف يصبح التواصل مؤثراً وسيكون فوق مستوى الرسائل والعلامات التجارية الغير متجانسة (المتضاربة) التي تنهال علينا في كل دقيقة و كل يوم, حيث يوفر هذا النوع من التواصل المؤثر  للناس  ما يريدون سماعه من المصدر الذي يحترمونه وبالطريقة التي يفضلونها.

التسويق الاجتماعي: إن التسويق الاجتماعي عبارة عن عملية دمج علم تغيير السلوك مع استراتيجيات التسويق. لكن الفرق الكبير هو انك تجعل من المستهلكين ينخرطون في سلوك جديد أو يتقبلون أفكاراً جديدة عوضاً عن دفعهم لشراء المنتجات فقط.

في عملية التسويق، لديك ما يسمى “Ps” وهي المنتج، المكان، والترويج، والسعر. بينما في التسويق الاجتماعي، منتجك هو السلوك المرغوب ( مثلاً: أخذ اللقاح، تناول الفواكه والخضار، توفير المال لشراء منزل ما)… المكان هو كيفية التأثير بالجمهور (على سبيل المثال، من خلال إرسال رسائل عن طريق الكنائس، العيادات، محلات الحلاقة).

 والترويج هو رسائلك والإشهار التجاري (عن طريق عدد كبير من المواد المساعدة، مثل الكتيبات، المنشورات, و الإعلانات الملصقة و الإعلانات المطبوعة، لافتات على الانترنت، وتطبيقات الهواتف الذكية ). أما السعر فهو ما الذي يمكن أن يتخلى عنه جمهورك مقابل التغيير المطلوب (مثلا: التقليل من استهلاك الأطعمة الدسمة والتعويض عنها بتناول الفواكه والخضار بشكل أكبر).

يتطلب التسويق الاجتماعي كما يراه الاختصاصيون في هذا المجال وسائل غير تقليدية للوصول إلى الجمهور بطريقة مؤثرة، بحيث يرون الرسالة ويفهمونها ويقومون بترديدها. وهنا ينطبق القول المأثور– بأن الرسالة هي الوسيط.

 إليك هنا بعض الأمثلة عن كيفية وصول مخططي التسويق الاجتماعي إلى جماهير مستهدفة وبنسبة عالية جداً، وغالباً باستخدام كل الطرق الممكنة.

استخدام المشافي المتنقلة في الأحياء السكنية: لتشجيع الأمريكيين من أصل إفريقي على إجراء الفحوصات الطبية المتعلقة بضغط الدم العالي والسكري باعتبارها حالات طبية شائعة بين الأمريكيين من أصل إفريقي.

–       نشر فيديوهات ارشادية ، فيديو ارشادي قصير مدته بين 15-20 ثانية عن مجموعة من الأصدقاء، لتشجيع طلاب الجامعات على أخذ لقاح ضد الانفلونزا.

–  توزيع معدات السلامة المجانية في متاجر بيع الدهانات لخلق الوعي حول مفهوم السلامة عند عمال البناء.

–  تدريب الحلاقين الأمريكيين من أصول أفريقية ليكونوا دعاة ومروجين للقطاع الصحي: وذلك بغية تشجيع الأمريكيين الأفارقة على اخضاع انفسهم للفحص والكشف عن سرطان الأمعاء الغليظة حيث أنه و وفقاً لمركز التحكم بالأمراض والوقاية منها, فإن نسبة الوفيات بين الأمريكيين من أصول افريقية جراء هذا المرض هي الأعلى.

 وضع ممرضات في الكنائس في أيام الآحاد من أجل التوعية بأمراض الكلى: و من أجل القيام بفحص طبي لأعضاء الكنيسة للتحقق من أمراض ضغط الدم، والسمنة، والسكري، ومناقشة العلاقة بين السكري ومرض الكلى.

إن جوهر التسويق الاجتماعي هو مقابلة الناس حيث هم، وعن طريق دمج مصادر موثوقة من المعلومات ضمن حالة مؤثرة، وذلك لأنه قد تم سماع الرسالة وفهمها وقبولها.

البحث: التقييم

يساعدك تقييم جهودك باستخدام أساليب البحث العلمي، على معرفة درجة نجاح الحملة. وكالعادة، يعتمد هذا النجاح على مدى إنجاز أهداف الحملة القابلة للقياس. ومن الناحية المثالية، ستتضمن تقييماتك تلك القيم قبل وبعد الاختبار، بحيث يمكنك ملاحظة ما اذا قد “تم تحريك الإبرة” بالنسبة الى تغيير السلوك. فعلى سبيل المثال، يمكنك إجراء استبيان لنشر معلومات أساسية عن عدد المرات التي يقوم فيها جمهورك بالتمرن، ثم بعد ذلك تقوم باستبيانات مشابهة على مدى 3-5 سنوات بعد إطلاق الحملة، لملاحظة إن كان الناس قد تمرنوا أكثر.

يمكن لعملية التقييم قبل وبعد الاختبار أن تكون مكلفة، فإذا كانت ميزانيتك لا تسمح لك بنشر معلومات أساسية قبيل الحملة، فهناك وسائل أكثر يمكنك من خلالها قياس التأثر.

يعتبر تأسيس وتتبع المقاييس، والتي هي مؤشرات عن مقدار التأثر، من أفضل طرق القياس. فعلى سبيل المثال، إذا أسست موقعا لمساعدة الناس ذوي الحالات الطبية المزمنة كالسكري، وضغط الدم العالي، أو الربو، على إدارة حالاتهم بشكل فعال أكثر، يمكنك حينها قياس التأثر عن طريق عدد من الطرق ذات الفعالية من حيث التكلفة. وبعد 3-5 سنوات من إطلاق الحملة، يمكنك:

–   متابعة وتسجيل وتحليل عدد الناس الذين يشاركون في غرف الدردشة خلال مدة زمنية قدرها 24 شهراً لملاحظة إن كان هناك أي زيادة في نسبة المشاركة.

–       متابعة وتسجيل وتحليل كمية التنزيلات للمواد التي تساعد الناس في إدارة أوضاعهم، ككتيب وصفات طبخ خاص بالوجبات الصحية وقليلة الدسم.

–           متابعة عدد الناس الذين سيطرحون أسئلة على خبير الصحة على الأنترنت.

–          توثيق وتحليل طبيعة الأسئلة الموجهة لخبراء الصحة عن طريق الأنترنت.

–     إجراء بعض التحليلات على مواقع الأنترنت لتسجيل زيارات الموقع وما هي الصفحات الأكثر أهمية ومدة بقاء الناس في أي صفحة.

وتستمر الاحتمالات…إن التأثير في الناس بأية وسائل ضرورية هو أمر ممكن، لكنه يتطلب تفكيراً عميقاً وتخطيطاً كبيراً يقوم على نظريات عريقة، كتلك التي مهدت وبشكل ناجح الطريق للتأثير في الجماهير. كما وأنها تتطلب وقتاً طويلاً، وطاقة، و موارد، ولكن نتائج الحملة الناجحة قد تغير حياة الأفراد، وفي بعض الأحيان، قد تنقذ الحياة وغالباً ما تطور و بشكل دائم، حياة الأفراد خاصة في مجالات متل الصحة وسلامة العمل والطاقة وهذا شيء جيد بشكل واضح.

معلومات عن الكاتب: معلومات عن الكاتب

ساندرا ويلز هانون، الحائزة على شهادة دكتوراه وهي خبير علاقات عامة معتمد ، والمؤسس لمجموعة هانون – وهي شركة محدودة المسؤولية – تساعد عملائها على التواصل والتأثير في الجماهير والمستهلكين، باستخدام حملات التواصل العامة المبنية على البحث والاستقصاء . ولساندرا خبرة تمتد الى أكثر من 20 عاما في مجالات العلاقات العامة، والتواصل في المجال الصحي ، والاتصالات الداخلية، والتواصل مع المجتمع. وهي كخبيرة في مجال التواصل ولها شأنها على المستوى الوطني، صممت وأدارت ونفذّت حملات توعية عامة لصالح الحملات والمبادرات الحكومية الوطنية على المستوى الدولي والاقليمي .

ساندرا كخبيرة علاقات عامة معترف بها ضمن أعلى المستويات ، بالتالي غالبا ما تذكر ويقتبس منها  في مواقع عديدة   مثل موقع ( أساليب العلاقات العامة) PR Tactics، وقد حازت على جائزة صحيفة جمعية العلاقات العامة الأميركية (PRSA)، لتقاريرها عن آخر الأخبار و الاتجاهات في صناعة العلاقات العامة. بالإضافة إلى ذلك، تم إدراج المشاريع الخاصة بها ومشاريع فريقها الرائدة في الصحف الأكاديمية مثل الصحيفة الأميركية للطب الصناعي، بوصفها مصدرا لاستراتيجي التواصل . وقد أدارت، من خلال استشاراتها، حملات توعية عامة وأبحاث الأسواق للعملاء، مثل مكتب البيت الأبيض للسياسة الوطنية لمكافحة المخدرات (ONDCP). كما قدّمت مشورة لإدارات الرؤساء السابقين مثل كلينتون، وبوش، وأوباما لخلق مفاهيم واستراتيجيات إعلانية، تستهدف الشباب والبالغين من أجل الحملة ( ONDCP) الإعلامية الوطنية ضد المخدرات الخاصة بالشباب .

شغلت ساندرا، في الفترة التي سبقت تشكيل مجموعة هانون، منصب نائب الرئيس في شركة فليشمان هيلارد، والتي تعد في المرتبة الأولى في العلاقات العامة في الولايات المتحدة. وأدارت الفرق التي طورت علاقات المجموعات الحائزة على الجوائز ، والعلاقات الإعلامية للعملاء، من ضمنها، مكتب البيت الأبيض للسياسة الوطنية لمكافحة المخدرات.

ساندرا هي عضو في جمعية العلاقات العامة الأمريكية، وهي أكبر جمعية لمحترفي العلاقات العامة. وشغلت منصب رئيس منظمة جمعية العلاقات العامة الأميركية – المنظمة الوطنية الرئيسية وهي أكبر منظمة في البلاد، مع عدد أعضائها والبالغ  1400 عضوا.

حص حذير واجب : لا يجوز نشر من هذا المقال أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع أو نقله على أي نحو، أو بأي طريقة كانت (إلكترونية أو ميكانيكية) أو خلاف ذلك،دون الحصول على إذن مسبق ومن ثم ذكر المصدر بشكل واضح ودقيق. تحت طائلة المسائلة القانونية.

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام : info@ipra-ar.org

مجموعة داماس للترجمة