ليس جديداً نعي هذه المهنة ولكن التساؤل هو حول إمكانية تعامل العلاقات العامة مع التطورات الجديدة، ولعل التكنولوجيا فرضت تغييراً بطريقة التواصل بين المنظمات والأفراد والوصول للمعلومات والأخبار ولا سيما في العقد الأخير، لكن لم يثبت حتى الآن أن التكنولوجيا هي الشبح الذي يجب أن تخشاه العلاقات العامة.

وربما كان العاملون في العلاقات العامة بطيئين قليلاً في تبني إمكانياتهم بشكل كامل، مما سمح لإدارات التسويق بالسيطرة على فرص إدارة استراتيجيات وأنشطة التواصل الاجتماعي، ويبدو لنا أن الكثير من المنظمات ماتزال لا تملك استراتيجيات فعالة وحقيقية لمواقع التواصل الاجتماعي (محلياً).

المؤثرون

وهنا يظهر على الواجهة سؤال وحيد ألا وهو: هل المؤثرون في مواقع التواصل الاجتماعي هم من يجعلون العلاقات العامة زائدة عن الحاجة؟

ويتجاهل هذا السؤال حقيقة أن الدفع مقابل استخدام منتج أو كسب تأييد المشاهير له موجود منذ سنوات.

فعلياً وعلى مر السنوات تمكنت العديد من شركات العلاقات العامة التي تخصصت في تسويق المنتجات، من النمو والازدهار وهو مثال على قدرة العلاقات العامة على التطور والنجاح وليس فقط مواكبة التغيير بل الاستفادة من الفرص الجديدة.

 وفي نفس الوقت، يجب أن نتذكر أن استخدام مؤثرين خارجيين في سائل التواصل الاجتماعي ليس منهجاً مناسباً في كل المنظمات.

وفي قطاع الخدمات المالية حيث نتخصص، تعتبر القيادة الفكرية أسلوباً مستخدماً في برامج التواصل، وأحد الأساليب الشائعة أيضاً تحديد الخبراء داخل المؤسسة، مثل مسؤولي الأصول وغيرهم من كبار المدراء التنفيذين والترويج لآرائهم باعتبارهم صناع رأي ويفسح هذا النهج المجال بسهولة لخلق المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي داخل المؤسسة بدلاً من استخدام المؤثرين من خارجها.

فعلياً قد يكون الدفع مقابل اعتماد المنتج من قبل المؤثرين الخارجيين أمراً محفوفاً بالمخاطر لإضافة متطلبات تنظيمية إضافية، وقد يتسبب هذا الأمر بأضرار في السمعة إن خرج هؤلاء المؤثرون عن النص المتفق عليه وقد يؤدي لإيذاء نشاطات أخرى تابعة للعلامة التجارية الخاصة بالممول.

كما يحمل هذا الأسلوب شكوكاً حول الثقة، على سبيل المثال ما حدث العام الماضي في استراليا فقد تم تحطيم سمعة العديد من المؤسسات المالية تبعاً للهيئة الملكية وظهرت شكوك حول الفائدة الحقيقية لبعض المؤثرين كما طالت الشكوك الادعاءات حول أعداد المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي.

إن تطوير المؤثرين داخلياً على وسائل التواصل الاجتماعي، كالاستفادة من مسؤولي الأقسام في تعليقات على وضع السوق أو توقعات الاستثمار، ولكن حتى هذا الأمر ينطوي على مخاطر فمثلاً عند استقالة المدراء فسيأخذون مكانتهم على وسائل التواصل الاجتماعي معهم ولكن حتى هذا الاحتمال يمكن السيطرة عليه.

المضمون

كل هذه الإجراءات من اختيار منصات التواصل الاجتماعي وتطوير محتوى مؤثر وبناء ملفات تعريف والوجود واستهداف الجمهور المستهدف، ليس بالضرورة أن تكون نافعة ولاسيما بالنسبة للمحتوى المدفوع.

ولكن حتى مع كل هذه الإجراءات لصنع محتوى مؤثر فممارسو العلاقات العامة يضيفون في هذا المجال قيمة دائماً وهنالك أفكار تقول ان الرجال الآليين سيحلون مكان البشر.

ظهرت قصة إخبارية في صحفية الغارديان حول (Reporter Mate) وهو عبارة عن نظام ألي للتقارير الإخباري وهنالك تطورات مشابهة في بلدان أخرى، هذه التحديثات تحذر كل من الصحفيين وممارسي العلاقات العامة.

لكن صحيفة الغارديان لا تدعي أن (Reporter Mate) سيحل مكان القصص التي ينتجها البشر، لكن هذا النظام سيسهل الحياة عن طريق تجنب العمل على المعلومات الإحصائية مثل الاتجاهات السنوية أو مقارنة البيانات عند تطوير القصص، ومن لن يرحب بكل هذه التسهيلات!!

ومن خلال تجربتنا فإن تطوير محتوى إعلامي مقنع ومثير الاهتمام، هو أولوية للعملاء وحتى الآن فالتكنولوجيا لا تستطيع فعل هذا.

إن التطوير المستمر لمنصات التواص الاجتماعي قد ساعد في اتقان انتاج محتوى مثير للاهتمام وقد أصبحت القدرة على إيصاله للجمهور المحدد أكثر أهمية لممارسي العلاقات العامة، حيث المعرفة التفصيلية بكيفية خلق العملاء أمر هام جداً.

الغراء الاستراتيجي

نحن نؤمن بأن المحتوى المقنع بكل أشكاله هو الغراء الذي يجعل استراتيجيات العلاقات العامة أكثر التصاقاً ببعضها، لكننا هنا لا نلغي العناصر الأساسية الأخرى لبرامج العلاقات العامة.

ولايقتصر المحتوى على النص بل يتضمن يشكل متزايد مقاطع الصوت والفيديو لتلبية حاجة وسائل الإعلام.

لكن البداية بالنص هو أمر جيد وهؤلاء الذين يتجاهلون وسائل الإعلام المطبوعة يفشلون في الاستفادة من الفرص الرئيسة لعملائهم وأصحاب العمل.

تتغذى وسائل الإعلام التقليدية على وسائل التواصل الاجتماعي والعكس بالعكس بطريقة مؤثرة للغاية، فعلى سبيل المثال يعلم الناس عن تغريدات ترامب من وسائل الإعلام التقليدية أكثر من معرفتهم بها بشكل مباشر من تويتر.

ولعل الاستفادة الأساسية من وسائل الإعلام التقليدية هي أنها ماتزال تمثل الطرف الثالث أن شخص ما يعتقد أن رأيك أو الإعلان الخاص بك يعتقد أنه يستحق الاستخدام، لكن المحتوى المدفوع لا يحمل هذه.

إحدى مهارات التواصل المطلوبة في تطوير المحتوى ووضعه بحيث يدعم الرسائل أو يغير أو يعزز الرأي ويزيد الوعي سواء كان المكتسب أو المدفع المحتوى أو خليط.

الأساليب التقنية

يمكن استخدام أساليب تقنية جديدة بعدة طرق لجذب الاهتمام من خلال منصات متنوعة.

على سبيل المثال هنالك نقاط عدة يمكن استخدامها كرأي بمنشور تجاري، أو بيان صحفي أو محتوى مدفوع لوسائل الإعلام كما هو الحال بالنسبة للمدونات في مواقع الشركات ومنصات تواصل اجتماعي مناسبة، وهذا كان قبل تطوير محتوى صوتي ومرئي وأخذه بعين الاعتبار.

إن أسلوب النفخ والتهنئة الذاتية وطريقة الضجة التي تملأ وسائل التواصل الاجتماعي ليست فعالة وبمعظم الحالات تعتبر عائقاً.

لا يعني تطوير المحتوى المؤثر وملفات التعريف القوية واختيار المنصات والوسائل المناسبة أن نقوم بالاختصار، كما يفيد تقرير (Hootsuite) السنوي 2019 حول اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي: أن الدفع لشخص ما لوضع المحتوى الخاص بك لديه لن يجذب بالضرورة انتباه المتابعين، ذلك لأن الحصول على انتباه المتابعين لمحتوى ما هوي دائم حتى بالنسبة لمختصي التواص الأكثر براعة فهو مسألة ليسب سهلة.

وبالتالي بدلاً من أن تكون التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي هي وثيقة لنعي للعلاقات العامة، يمكن أن توفر هذه الأدوات فرصاً جديداً غير محققة بالكامل ولكتها مفيدة لمختصي التواصل الماهرين.

ربما الاستشارات التي نقوم بها صغيرة جداً بكنها مثال جيد على استمرار العلاقات العامة بالازدهار، وهذا أدى لزيادة أعمالها في العام الماضي وبعض المتخصصين في الخدمات المالية يواصلون كسب أعمال جديدة والنمو أيضاً.

إذن هل العلاقات العامة تحتضر؟ لا نعتقد.

الكاتبة

كلوديا بريتشت مديرة لشركة بريتشت بارتنرز، وهي شركة مختصة بالاستشارات الاتصالية والعلاقت العامة في مجال الخدمات المالية.

الموقع الالكتروني

http://pritchittpartners.com.au/

البريد الإلكتروني

claudia@pritchittpartners.com.au

ترجمة: نجلاء علي

تحذير واجب :

لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية.

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام :

info@ipra-ar.org

  info@sia-sy.net